للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما كنا نعبده من الأنداد، والعدول عن دين الآباء والأجداد، ولهذا قالوا: {يَاصَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (٦٢) قَالَ يَاقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ (٦٣)} [هود: ٦٢ - ٦٣].

وهذا تلطف منه لهم في العبارة، ولين الجانب، وحُسن تأتٌ في الدعوة لهم إلى الخير، أي فما ظنكم إن كان الأمر كما أقول لكم وأدعوكم إليه؟ ماذا عذركم عند الله؟ وماذا يُخلصكم بين يديه، وأنتم تطلبون مني أن أترك دُعاءكم إلى طاعته؟ وأنا لا يمكنني هذا؛ لأنه واجب علي، ولو تركته لما قدر أحد منكم ولا من غيركم أن يُجيرني منه، ولا ينصرني، فأنا لا أزال أدعوكم إلى الله وحده لا شريك له حتى يحكم الله بيني وبينكم، وقالوا له أيضًا {إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ} [الشعراء: ١٥٣] أي من المسحورين، يعنون: مسحورًا لا تدري ما تقول في دعائك إيانا إلى إفراد العبادة للَّه وحده، وخلع ما سواه من الأنداد، وهذا القول عليه الجمهور؛ أن المراد بالمسحرين المسحورون، وقيل: من المُسَحَّرين أي ممن له سحر - وهي الرِّئَةُ - كأنهم يقولون: إنما أنت بشر له سحر. والأول أظهر؛ لقولهم بعد هذا: {مَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا}، وقولهم: {فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ}. سألوه أن يأتيهم بخارقٍ يدل على

<<  <  ج: ص:  >  >>