للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد كانت لعبد الله بن عمرو مواقف عظيمة تدل على فضله وبذله ونصرته لهذا الدين، روى ابن حبان في صحيحه من حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - في حديث طويل، وقال - صلى الله عليه وسلم - في آخره: «جَزَى اللَّهُ الأَنْصَارَ عَنَّا خَيْرًا، وَلَا سِيَّمَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ، وَسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ» (١).

وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث جابر ابن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ، جِيءَ بِأَبِي مُسَجًّى (٢)، وَقَدْ مُثِّلَ (٣) بِهِ، قَالَ: فَأَرَدْتُ أَنْ أَرْفَعَ الثَّوْبَ، فَنَهَانِي قَوْمِي، ثُمَّ أَرَدْتُ أَنْ أَرْفَعَ الثَّوْبَ، فَنَهَانِي قَوْمِي، فَرَفَعَهُ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أَوْ أَمَرَ بِهِ فَرُفِعَ، فَسَمِعَ صَوْتَ بَاكِيَةٍ أَوْ صَائِحَةٍ، فَقَال - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ هَذِهِ؟» فَقَالُوا: ابْنَةُ عَمْرٍو- أَوْ أُخْتُ عَمْرٍو فَقَالَ: «وَلِمَ تَبْكِي؟ فَمَا زَالَتِ الْمَلَائِكَةُ تُظِلُّهُ بِأَجْنِحَتِهَا حَتَّى رُفِعَ» (٤).

قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله -: «ومعناه أنه مكرم بصنيع الملائكة وتزاحمهم عليه لصعودهم بروحه؛ لأن هذا الجليل القدر الذي تظله الملائكة بأجنحتها لا ينبغي أن يُبكى عليه،


(١). صحيح ابن حبان برقم ٦٩٨١، وصححه الشيخ الألباني - رحمه الله - في السلسلة الصحيحة برقم ٤٦١.
(٢). أي مغطى. انظر النهاية (٢/ ٣١٠).
(٣). مُثل: بضم الميم وكسر الثاء، ومثل بالقتيل إذا قطع أطرافه أو أنفه أو أذنه .. ونحو ذلك. انظر النهاية (٤/ ٢٥١).
(٤). صحيح البخاري برقم ١٢٩٣، وصحيح مسلم برقم ٢٤٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>