ومن رحمة الله تعالى أنه أرسل رسوله رحمة لأمته وللعالمين، قال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (١٠٧)} [الأنبياء: ١٠٧].
وقال تعالى ممتنًّا على نبيه - صلى الله عليه وسلم -: {وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا (١١٣)} [النساء: ١١٣]
أقول: أرأيت لو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رخص له أن يصلي في البيت كم من المنافع ستفوت عليه، والتي سيحصل عليها إذا حضر المسجد، سوى الفضل والأجر في صلاة الجماعة، فسلام ولقاء الإخوان وسماع الموعظة والجلوس في حضر الذكر وغير ذلك كثير جدًّا. فكيف سيعوض ذلك إذا صلى في بيته، وقد امتلأ التاريخ الإسلامي بمن ابتلاهم بفقد البصر، وقد أطبقت شهرتهم الأرض علمًا وعملًا ودعوة وأمرًا بالخير ونهيًا عن الشر. فهل سيكون لهم هذه الشهرة، وهل سيُنتفع بهم هذه المنافع العظيمة لو رُخص لهم وأخذوا بالرخصة. ولزيادة الإيضاح فإنه لو رخص لهذا الأعمى أن يصلي في بيته فسيكون حاله بين أمرين:
الأول: أن يقعد في بيته فلا يزور صديقًا ولا يصل رحمًا ولا يعود مريضًا ولا يشهد جنازة ولا يحضر دعوة ولا يقضي لنفسه ولا غيره غرضًا من أغراض الدين أو الدنيا، لأنه