قوله:{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ} أنه لما اجتمع نساء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليه في الغيرة، وطلبن منه النفقة والكسوة، طلبن منه أمرًا لا يقدر عليه في كل وقت، ولم يزلن في طلبهن متفقات، وفي مرادهن متعنتات، فشق ذلك على الرسول - صلى الله عليه وسلم - حتى وصلت به الحال إلى أنه آلى منهن شهرًا، فأراد الله أن يسهل الأمر على رسوله، وأن يرفع درجة زوجاته، ويذهب عنهن كل أمر ينقص أجرهن، فأمر رسوله - صلى الله عليه وسلم - أن يخيرهن فقال:{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا} أي ليس لكن في غيرها مطلب، وصرتن ترضين لوجودها وتغضبن لفقدها، فليس لي فيكن أرب وحاجة، وأنتن بهذه الحال {فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ} شيئًا مما عندي من الدنيا {وَأُسَرِّحْكُنَّ} أي أفارقكن {سَرَاحًا جَمِيلًا} من دون مغاضبة ولا مشاتمة، بل بسعة صدر وانشراح بال، قبل أن تبلغ الحال إلى ما لا ينبغي.
{وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ} أي هذه مرادكن وغاية مقصودكن وإذا حصل لَكُنَّ الله ورسوله والجنة