لم تبالين بسعة الدنيا وضيقها، ويسرها وعسرها، وقنعتن من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما تيسر، ولم تطلبن منه ما شق عليه، {فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا}.
رتب الأجر على وصفهن بالإحسان؛ لأنه السبب الموجب لذلك، لا لكونهن زوجات الرسول - صلى الله عليه وسلم - فإن مجرد ذلك لا يكفي، بل لا يفيد شيئًا مع عدم الإحسان، فخيرهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك، فاخترن الله ورسوله والدار الآخرة كلهن، لم يتخلف منهن واحدة - رضي الله عنه -ن -، وفي هذا التخيير فوائد عديدة:
منها: الاعتناء برسوله - صلى الله عليه وسلم - والغيرة عليه أن يكون بحالة يشق عليه كثرة مطالب زوجاته الدنيوية.
ومنها: سلامته - صلى الله عليه وسلم - بهذا التخيير من تبعة حقوق الزوجات، وأنه يبقى في حرية نفسه إن شاء أعطى وإن شاء منع، قال تعالى:{مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ}[الأحزاب: ٣٨].
ومنها: تنزيهه عما لو كان فيهن من تؤثر الدنيا على الله ورسوله والدار الآخرة عنها وعن مقارنتها.
ومنها: سلامة زوجاته - رضي الله عنه -ن - عن الإثم والتعرض لسخط الله ورسوله، فحسم الله بهذا التخيير عنهن التسخط على