كتاب الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة

الكلمة السابعة والخمسون: (المروءة) - حقوق المروءة وشروطها - ج: 12 - ص: 450

وروى الطبراني في الكبير من حديث الحسن بن علي - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ مَعاليَ الأُمُورِ، وَأَشْرَافَهَا، وَيَكرَهُ سَفْسَافَهَا» (١).

وروى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن رجلًا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فَبَعَثَ إِلَى نِسَائِهِ فَقُلْنَ: مَا مَعَنَا إِلَّا المَاءُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ يَضُمُّ أَوْ يُضِيفُ هَذَا»، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: أَنَا، فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى امْرَأَتِهِ، فَقَالَ: أَكْرِمِي ضَيْفَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَتْ: مَا عِنْدَنَا إِلَّا قُوتُ صِبْيَانِي، فَقَالَ: هَيِّئِي طَعَامَكِ، وَأَصْبِحِي سِرَاجَكِ، وَنَوِّمِي صِبْيَانَكِ إِذَا أَرَادُوا عَشَاءً، فَهَيَّأَتْ طَعَامَهَا، وَأَصْبَحَتْ سِرَاجَهَا، وَنَوَّمَتْ صِبْيَانَهَا، ثُمَّ قَامَتْ كَأَنَّهَا تُصْلِحُ سِرَاجَهَا فَأَطْفَأَتْهُ، فَجَعَلَا يُرِيَانِهِ أَنَّهُمَا يَأْكُلَانِ، فَبَاتَا طَاوِيَيْنِ، فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: «ضَحِكَ اللَّهُ اللَّيْلَةَ، أَوْ عَجِبَ، مِنْ فَعَالِكُمَا»، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٩)} [سورة الحشر، آية رقم: ٩]. (٢).

وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - أعظم الناس مروءة، روى البخاري في صحيحه من حديث سهل - رضي الله عنه -: أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتِ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - بِبُرْدَةٍ مَنْسُوجَةٍ،

---

(١). (٣/ ١٣١) برقم (٢٨٩٤)، وصححه الألباني - رحمه الله - في الصحيحة (٤/ ١٦٨) برقم (١٦٢٧).
(٢) صحيح البخاري برقم (٣٧٩٨)، وصحيح مسلم برقم (٢٠٥٤) بلفظ مختلف.