للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا تَنْظُرُوْا إِلَى مَن هُوَ فَوْقَكُم، فَهُوَ أَجْدَرُ أَلَاّ تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللهِ» (١).

قال ابن جرير وغيره: هَذَا حَدِيْثٌ جَامِعٌ لأَنْوَاعٍ مِنَ الخَيْرِ؛ لأَنَّ الإِنْسَانَ إِذَا رَأَى مَن فُضِّلَ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا طَلَبَت نَفْسُهُ مِثْلَ ذَلِكَ، وَاسْتَصْغَرَ مَا عِنْدَهُ مِن نِعْمَةِ اللهِ، وَحَرَصَ عَلَى الازْدِيَادِ لِيَلحَقَ بِذَلِكَ، أَو يُقَارِبَهُ. هَذَا هُوَ المَوْجُوْدُ فِي غَالِبِ النَّاسِ، وَأَمَّا إِذَا نَظَرَ فِي أُمُوْرِ الدُّنْيَا إِلَى مَن هُوَ دُوْنَهُ فِيْهَا، ظَهَرَتْ لَهُ نِعْمَةُ اللِه تَعَالَى عَلَيْهِ، فَشَكَرَهَا، وَتَوَاضَعَ وَفَعَلَ فِيْه الخَيْرَ. اهـ (٢).

وأختم بهذا الحديث الذي يبين أن كثيراً من الناس يعيشون عيشة الملوك:

روى مسلم في صحيحه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أَنَّ رَجُلاً سَأَلَهُ فَقَالَ: أَلَسْنَا مِن فُقَرَاءِ المُهَاجِرِيْنَ؟ فَقَال عَبْدُ اللهِ: أَلَكَ امْرَأَةٌ تَاوِي إِلَيْهَا؟ قَالَ: نَعَم. قَالَ: أَلَكَ مَسْكَنٌ تَسْكُنُهُ؟ قَالَ: نَعَم. قَالَ: فَأَنْتَ مِنَ الأَغْنِيَاءِ. قَالَ: فَإِنَّ لِي خَادِمًا. قَالَ: فَأَنْتَ مِن المُلُوْكِ (٣).

قال الشاعر:

إذا اجتمع الإسلامُ والقُوتُ للفَتَى ... وأضْحَى صحيحاً جسمُهُ وهو في أمن

فقد ملَكَ الدُنيا جميعاً وحازها ... وَحَقَّ عليه الشكرُ لله ذي المَنّ

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.


(١) البخاري برقم (٦٤٩٠)، ومسلم برقم (٢٩٦٣).
(٢) صحيح مسلم بشرح النووي (٦/ ٩٧).
(٣) برقم (٢٩٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>