للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القيم بغيره، ومن تمام حياته وقيوميته أنه لا تأخذه سنة ولا نوم، والسِّنَةُ هي النعاس، وفي صحيح مسلم من حديث أبي موسى قال: قام فينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخمس كلمات، فقال: «إِنَّ اللهَ عز وجل لَا يَنَامُ وَلَا يَنْبَغِي لَه أَن يَنَامَ، يَخفِضُ القِسْطَ وَيَرْفَعُهُ، يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ، وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ، حِجَابُهُ النُّوْرُ لَو كَشَفَهُ لأَحْرَقَت سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِن خَلقِهِ» (١).

قوله: {لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ} إخبار بأن الجميع عبيده، وفي ملكه، وتحت قهره وسلطانه، كقوله: {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلَاّ آَتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا * لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا * وَكُلُّهُمْ آَتِيهِ يَوْمَ القِيَامَةِ فَرْدًا} [مريم: ٩٣ - ٩٥].

وقوله: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَاّ بِإِذْنِهِ}، هذا من عظمته وجلاله، وكبريائه عز وجل أنه لا يتجاسر أحد على أن يشفع عنده إلا بإذنه، كما قال تعالى: {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَاّ لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ} [الأنبياء: ٢٨].

وقوله: {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَاّ مِنْ بَعْدِ أَنْ يَاذَنَ اللهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى} [النجم: ٢٦].

وفي حديث الشفاعة الطويل قال - صلى الله عليه وسلم -: «فَأَنْطَلِقُ فَآتِي تَحْتَ العَرْشِ، فَأَقَعُ سَاجِدًا لِرَبِّي عز وجل، ثُمَّ يَفْتَحُ اللهُ عَلَيَّ مِن مَحَامِدِهِ وَحُسْنِ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ شَيْئًا لَم يَفْتَحْهُ عَلَى أَحَدٍ قَبْلِي، ثُمَّ يُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ، ارْفَع رَاسَكَ، وَسَل تُعْطَهُ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ» (٢).


(١) برقم (١٧٩).
(٢) البخاري برقم (٤٧١٢)، ومسلم برقم (١٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>