للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ} دليل على إحاطة علمه بجميع الكائنات، ماضيها وحاضرها ومستقبلها، كقوله تعالى إخبارًا عن الملائكة: {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَاّ بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: ٦٤].

وقوله: {وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَاّ بِمَا شَاءَ} قال ابن كثير: أي لا يطلع أحد من علم الله على شيء إلا بما أعلمه الله عز وجل، وأطلعه عليه، ويحتمل أن يكون المراد: لا يطلعون على شيء من علم ذاته وصفاته إلا بما أطلعهم الله عليه، كقوله: {وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا} [طه: ١١٠] (١).

قوله: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ}؛ روى الحاكم في المستدرك من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: «الكُرْسِيُّ مَوْضِعُ القَدَمَيْنِ، وَالعَرْشُ لَا يَقدِرُ أَحَدٌ قَدْرَهُ» (٢). وهذا يدل على كمال عظمة الله وسعة سلطانه، فإذا كان هذا حال الكرسي، أنه يسع السماوات والأرض على عظمتهما وعظمة من فيهما، فكيف بالعرش الذي هو أعظم من الكرسي؟ !

قال الطحاوي: والعرش والكرسي حق، قال ابن أبي العز الحنفي: العرش سرير ذو قوائم تحمله الملائكة وهو كالقبة على العالم (٣)، وهو سقف المخلوقات، قال عبدالله بن رواحة:

شَهِدتُ بأَنَّ وَعْدَ اللهِ حقٌ ... وَأَنَّ النَّارَ مَثْوَى الكَافِرينَا


(١) تفسير ابن كثير (١/ ٣٠٩).
(٢) (٢/ ٦٧٨) برقم (٣١٧٠)، وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وصححه الشيخ مقبل الوادعي في تخريجه لأحاديث تفسير ابن كثير (١/ ٥٧١)، وأخرجه الذهبي في كتابه العلو (ص: ٧٦)، وصححه الألباني في مختصر العلو (ص: ٤٥).
(٣) شرح العقيدة الطحاوية (ص: ٣١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>