للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن النظر الحرام، وغير ذلك، ويصعب عليه التحفظ والاحتراز من حركة لسانه، حتى ترى الرجل يشار إليه بالدين والزهد والعبادة، وهو يتكلم بالكلمة من سخط الله، لا يلقي لها بالاً، ينزل في النار بالكلمة الواحدة أبعد ما بين المشرق والمغرب، وكم ترى من رجل متورع عن الفواحش والظلم، ولسانه يقطع ويذبح في أعراض الأحياء والأموات، ولا يبالي بما يقول. اهـ (١).

وإذا أردت أن تعرف ذلك فتأمل ما رواه مسلم في صحيحه من حديث جندب بن عبد الله: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حدَّث أنَّ رجلاً قال: «وَاللهِ لَا يَغْفِرُ اللهُ لِفُلَانٍ، وَإِنَّ اللهَ تَعَالَى قَالَ: مَن ذَا الَّذِي يَتَأَلَّى عَلَيَّ أَلَاّ أَغْفِرَ لِفُلَانٍ؟ فَإِنِّي قَد غَفَرْتُ لِفُلَانٍ، وَأَحْبَطْتُ عَمَلَكَ» (٢). أو كما قال.

قال أبو هريرة - رضي الله عنه -: تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أَوْبَقَتْ دُنْيَاهُ وَآخِرَتَهُ، وتكلم رجل في حق رجل، فقال له صاحبه: أغزوت الروم؟ قال: لم أفعل. قال: سلم منك النصارى، ولم يسلم منك أخوك المسلم!

وقال بعضهم: تسعة أعشار الذنوب من اللسان.

قال الشاعر:

احفظْ لِسَانَكَ أيُّها الإنسانُ ... لا يلدَغَنَّك إنهُ ثُعبانُ

كَمْ في المَقابِرِ من قتيلِ لِسانِه ... كانت تَهابُ لقاءهُ الشجعانُ

قال بعض أهل العلم: في اللسان آفتان عظيمتان، إن خلص من إحداهما لم يخلص من الأخرى، آفة السكوت عن الحق، أو آفة الكلام بالباطل، وقد تكون كل منهما أعظم من الأخرى في وقتها، فالساكت عن


(١) الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي (ص: ١٤٠).
(٢) برقم (٢٦٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>