للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُعَافَاةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ» (١).

فبين النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث أن أفضل ما سأله العباد أن يعافيهم الله، لأن العمدة الكبرى، والمنحة العظمى في نيل السعادة الدنيوية والأخروية هي العافية.

وروى البزار في كشف الأستار من حديث أنس بن مالك: أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - مَرَّ بِقَوْمٍ مُبْتَلَينَ، فَقَالَ: «أَمَا كَانَ هَؤُلاءِ يَسْأَلُونَ اللهَ الْعَافِيَةَ؟ ! » (٢)، وفي الحديث دليل على أن سؤال الله العافية يدفع كل بلية، ويرفع كل محنة، ولهذا جاء - صلى الله عليه وسلم - بهذا الاستفهام بمعنى الاستنكار، فكأنه قال لهم: كيف تتركون أنفسكم في هذه المحنة والابتلاء؟ وأنتم تجدون الدواء الحاسم لها، والمرهم الشافي لما أصابكم منها، وهو الدعاء بالعافية، واستدفاع هذه المحنة النازلة بكم، بهذه الدعوة الكافية، وفي هذا ما يزيد النفوس نشاطًا والقلوب بصيرةً، باستعمال هذا الدواء عند عروض كل داء، ومساس كل محنة، ونزول كل بلية، قال أحد الصالحين: «أكثروا من سؤال العافية، فإن المبتلى وإن اشتد بلاؤه لا يأمن ما هو أشد منه، وإن المبتلى وإن اشتد بلاؤه ليس بأحق بالدعاء من المعافى الذي لا يأمن البلاء، وما المبتلون اليوم إلا من أهل العافية بالأمس، وما المبتلون بعد اليوم إلا من أهل العافية اليوم». والذي يزور مستشفيات المسلمين ويرى ما ابتلي به إخوانه من الأمراض الخطيرة التي عجز الطب الحديث عن علاج بعضها، ليحمد الله عز وجل صباحًا ومساءً على نعمة العافية.


(١) برقم (٣٨٥١)، وصححه الألباني رحمه الله في صحيح سنن ابن ماجه برقم (٣١٠٦).
(٢) (٤/ ٣٦) برقم (٣١٣٤) وصححه العلامة الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة (٢١٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>