للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيُصْبِحُ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَ، فَلَا يَكَادُ أَحَدٌ يُؤَدِّي الأَمَانَةَ، فَيُقَالُ: إِنَّ فِي بَنِي فُلَانٍ رَجُلاً أَمِينًا، وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ: مَا أَعْقَلَهُ! وَمَا أَظْرَفَهُ! وَمَا أَجْلَدَهُ! وَمَا فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ» (١).

وأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن إضاعة الأمانة من علامات النفاق، فروى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «آيَةُ المُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ» (٢).

وقد ذكرت الأمانة في القرآن على ثلاثة أوجه، قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الأنفال ٢٧]. والمراد الفرائض.

وفي قوله تعالى: {إِنَّ اللهَ يَامُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: ٥٨]. والمقصود الودائع، وقال تعالى: {قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَاجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَاجَرْتَ القَوِيُّ الأَمِينُ} [القصص: ٢٦]. والمراد العفة والصيانة.

ومن الأمانة حفظ الأسرار الزوجية، فروى مسلم في صحيحه من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الأَمَانَةِ عِنْدَ اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: الرَّجُلَ يُفْضي إِلَى امْرَأَتِهِ، وَتُفْضِي إِلَيْهِ، ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا» (٣).

ومنها عدل الحاكم بين الرعية، فروى مسلم من حديث أبي ذر - رضي الله عنه - قال: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلَا تَسْتَعْمِلُنِي؟ قَالَ: فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى مَنْكِبِي،


(١) البخاري برقم (٦٤٩٦)، ومسلم برقم (١٤٣).
(٢) البخاري برقم (٣٣)، ومسلم برقم (٥٩).
(٣) برقم (١٤٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>