قوله تعالى:{فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ}[الماعون: ٤ - ٥] فويل: أي عذاب لهم، قال بعض المفسرين: هم الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها، فلا يصلونها إلا بعد خروج الوقت.
روى أبو يعلى في مسنده من حديث مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ سَعْدِ ابْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: قُلْتُ لأَبِي: يَا أَبَتَاهُ، أَرَأَيْتَ قَوْلَهُ تبارك وتعالى:{الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} أَيُّنَا لَا يَسْهُو؟ أَيُّنَا لَا يُحَدِّثُ نَفْسَهُ؟ ! قَالَ: لَيْسَ ذَاكَ، إِنَّمَا إِضَاعَةُ الْوَقْتِ يَلْهُو حَتَّى يَضِيعَ الْوَقْتُ (١).
وقال آخرون: يتركونها فلا يصلونها، وقد ورد ذلك عن ابن عباس، وقال: هم المنافقون الذين يتركون الصلاة سرًّا، ويصلونها علانية.
قال ابن كثير رحمه الله: أي يؤخرون الصلاة إلى آخر الوقت دائمًا أو غالبًا، وإما يقصرون عن أدائها بأركانها وشروطها على الوجه المأمور به، وإما عن الخشوع فيها والتدبر لمعانيها، فاللفظ يشمل ذلك كله، وكل من اتصف بشيء من ذلك له قسط من هذه الآية، ومن اتصف بجميع ذلك فقد تم له نصيبه منها، وكمل النفاق العملي، كما في صحيح مسلم من حديث أنس بن مالك: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «تِلْكَ صَلَاةُ الْمُنَافِقِ، يَجْلِسُ يَرْقُبُ الشَّمْسَ، حَتَّى إِذَا كَانَتْ بَيْنَ قَرْنَيِ الشَّيْطَانِ، قَامَ
(١) (١/ ٣٣٦) برقم (٧٠٠)، وقال المنذري في كتابه الترغيب والترهيب (١/ ٤٤١): إسناده حسن.