للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَنَقَرَهَا أَرْبَعًا، لَا يَذْكُرُ اللهَ فِيهَا إِلَاّ قَلِيلاً» (١).

فهذا آخر صلاة العصر التي هي الوسطى كما ثبت به النص الى آخر وقتها وهو وقت كراهة، ثم قام إليها فنقرها نقر الغراب، لم يطمئن، ولا خشع أيضًا، ولهذا قال: لا يذكر الله فيها إلا قليلاً، ولعله إنما حمله على القيام إليها مراءاة الناس، لا ابتغاء وجه الله، فهو كما إذا لم يُصل بالكلية، قال تعالى: {إِنَّ المُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللهَ إِلَاّ قَلِيلاً} [النساء: ١٤٢].

وقال تعالى ههنا: {الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ}.

قوله تعالى: {الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ * وَيَمْنَعُونَ المَاعُونَ} أي: لا أحسنوا عبادة ربهم بإخلاص العبادة له، ولا أحسنوا إلى خلقه، حتى ولا بإعارة ما يُنتفع به، ويُستعان به مع بقاء عينه ورجوعه إليهم كالإناء، والدلو، والفأس، فهؤلاء؛ لمنع الزكاة وأنواع القربات أولى (٢). أهـ.

ومن فوائد السورة الكريمة:

أولاً: أن فيها الحث على إطعام اليتيم والمسكين، والتحضيض على ذلك، روى البخاري في صحيحه من حديث سهل بن سعد: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أَنَا وَكَافِلُ اليَتِيمِ فِي الجَنَّةِ هَكَذَا» وقال بإصبعيه السبابة والوسطى (٣).

وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «السَّاعِي عَلَى الأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللهِ»، وَأَحْسِبُهُ قَالَ: «وَكَالْقَائِمِ لَا يَفْتُرُ وَكَالصَّائِمِ لَا يُفْطِرُ» (٤).


(١) برقم (٦٢٢).
(٢) تفسير ابن كثير (١٤/ ٤٦٨ - ٤٧١).
(٣) برقم (٦٠٠٥).
(٤) صحيح البخاري برقم (٦٠٠٧)، وصحيح مسلم برقم (٢٩٨٢) واللفظ له.

<<  <  ج: ص:  >  >>