للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جرير، وابن سعد في الطبقات في قصة رسولي كسرى حينما رآهما النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد حلق كل واحد منهما لحيته، ووفرا شاربيهما، فأعرض عنهما النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال: «وَيلَكُمَا، مَن أَمَرَكُمَا بِهَذَا؟ »، فقالا: أمرنا ربنا، يعنيان كسرى، فقال لهما النبي - صلى الله عليه وسلم -: «وَلَكِن رَبِّي أَمَرَنِي أَن أُعفِيَ لِحيَتِي، وَأَن أَقُصَّ شَارِبِي» (١).

فإذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أنكر على هذين الرجلين، مع العلم بأنهما كافران من المجوس، فالمسلم من باب أولى.

إضافة إلى أن اللحية زينة وجمال للرجل.

خامسًا: إن في حلقها مخالفة لسنة النبي - صلى الله عليه وسلم - والأنبياء قبله، والخلفاء الراشدين والصحابة من بعدهم، قال تعالى حاكيًا عن هارون وهو يخاطب موسى: {قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَاخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَاسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي} [طه: ٩٤].

قال الشنقيطي رحمه الله: إذا ضمت هذه الآية إلى آية الأنعام التي ذكر فيها عز وجل الأنبياء، ثم قال لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم -: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ} [الأنعام: ٩٠]. دلت على لزوم إعفاء اللحية وهذا دليل من كتاب الله.

وإعفاء اللحية من السمت الذي أُمرنا به في القرآن العظيم، وأنه كان سمت الرسل الكرام صلوات الله وسلامه عليهم، والعجب من الذين مسخت ضمائرهم، واضمحل ذوقهم، حتى صاروا يفرون من صفات الذكورية، وشرف الرجولة إلى خنوثة الأنوثة، ويمثلون بوجوههم


(١) أخرجه ابن جرير (٢/ ٢٦٦) وابن سعد في الطبقات (١/ ٢ / ١٤٧)، وهو حسن. انظر: تخريج فقه السيرة (ص: ٣٥٩) للألباني، والعزو منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>