للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُ النَّاسَ عُرِضُوا عَلَيَّ وَعَلَيْهِمْ قُمُصٌ، فَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ الثَّدْيَ، وَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ دُونَ ذَلِكَ، وَعُرِضَ عَلَيَّ عُمَرُ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ اجْتَرَّهُ» قَالُوا: فَمَا أَوَّلْتَهُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «الدِّينَ» (١).

وقد كان - رضي الله عنه - رجلاً ملهمًا، نزل القرآن الكريم في موافقته في عدد من آرائه، ففي الصحيحين من حديث عمر أنه قال: وَافَقْتُ رَبِّي فِي ثَلَاثٍ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَوِ اتَّخَذْنَا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى؟ فَنَزَلَتْ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: ١٢٥]. وَآيَةُ الْحِجَابِ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَوْ أَمَرْتَ نِسَاءَكَ أَنْ يَحْتَجِبْنَ؟ فَإِنَّهُ يُكَلِّمُهُنَّ الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ، فَنَزَلَتْ آيَةُ الْحِجَابِ، وَاجْتَمَعَ نِسَاءُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْغَيْرَةِ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ لَهُنَّ: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ} [التحريم: ٥]، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ (٢).

وكذلك وافقه في أسارى بدر، وفي ترك الصلاة على المنافقين، وفي غيرها من المواضع، وكان - رضي الله عنه - من أعلم الصحابة وأفقههم، قال عبد الله بن مسعود: لو أن علم عمر وضع في كفة ميزان، ووضع علم أحياء الأرض في كفة لرجح بهم علم عمر، ولقد كانوا يرون أنه ذهب بتسعة أعشار العلم (٣).


(١) البخاري برقم (٣٦٩١)، ومسلم برقم (٢٣٩٠).
(٢) البخاري برقم (٤٠٢)، ومسلم برقم (٢٣٩٩).
(٣) مستدرك الحاكم (٤/ ٣٩) برقم (٤٥٥٣) وقال: حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، والطبراني في الكبير (٩/ ١٦٣) برقم (٨٨٠٩) وقال في مجمع الزوائد (٩/ ٦٩): رواه الطبراني بأسانيد ورجال هذا رجال الصحيح غير أسد بن موسى وهو ثقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>