للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تولى الخلافة بعد أبي بكر الصديق، سنة ثلاث عشرة من الهجرة، وكان تقيًا ورعًا زاهدًا، لا تأخذه في الله لومة لائم، وقد كثرت الفتوحات في عهده، وسقطت دولتي فارس والروم، وكانت هذه من أعظم الإنجازات في عهده، وأصيب الناس في إحدى سنوات عهده بمجاعة شديدة، أجدبت الأرض، واسودت، وانقطع المطر، وسمي ذلك العام عام الرمادة، فكان يأكل الخبز والزيت، ويقول: لن أشبع حتى يشبع أطفال المسلمين، وكان يقول: لو أن بغلة عثرت في طريق العراق لخشيت أن يسألني الله عنها يوم القيامة. وفي صحيح البخاري من حديث عمرو بن ميمون الأنصاري أنه قال: «شَهِدتُ عُمَرَ قَبلَ مَوتِهِ بِأَيَّامٍ وَهُوَ يَقُولُ: لَئِنْ سَلَّمَنِي اللهُ لأَدَعَنَّ أَرَامِلَ الْعِرَاقِ لَا يَحْتَجْنَ إِلَى رَجُلٍ بَعْدِي أَبَدًا، فَمَا أَتَتْ عَلَيْهِ رَابِعَةٌ إِلَاّ وَأُصِيبَ» (١). وقد أكرمه الله بالشهادة، فكان قتله على يد الغادر الشقي أبي لؤلؤة المجوسي في سنة ثلاث وعشرين من الهجرة، وهو يؤم الناس لصلاة الفجر، طعنه بسكين ذات شقين.

وروى الإمام أحمد في مسنده من حديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه خطب الناس على المنبر يوم الجمعة فحمد الله وأثنى عليه ثم ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذكر أبا بكر ثم قال: رأيت رؤيا لا أُرَاهَا إلا لحضور أجلي، رأيت كأن ديكاً نقرني نقرتين، قال: وذُكِرَ لي أنه ديكٌ أحمرُ، فقصصتها على أسماء بنت عميس امرأة أبي بكر رضي الله عنهما فقالت: يقتُلُكَ رَجُلٌ مِنَ العَجَمِ (٢).

وروى البخاري في صحيحه من حديث أم المؤمنين حفصة أنه كان يقول: «اللهُمَّ ارْزُقْنِي شَهَادَةً فِي سَبِيلِكَ، وَاجْعَلْ مَوْتِي فِي بَلَدِ


(١) برقم (٣٧٠٠).
(٢) (١/ ٢٥٠) برقم (٨٩) وقال محققوه: إسناده صحيح على شرط مسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>