للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَدَيْهِ رَكْوَةٌ، أَوْ عُلْبَةٌ فِيهَا مَاءٌ، فَجَعَلَ يُدْخِلُ يَدَيْهِ فِي الْمَاءِ، فَيَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ يَقُولُ: «لَا إِلَهَ إِلَاّ اللهُ، إِنَّ لِلْمَوْتِ سَكَرَاتٍ» ثُمَّ نَصَبَ يَدَهُ، فَجَعَلَ يَقُولُ: «اللهُمَّ فِي الرَّفِيقِ الأَعْلَى» حَتَّى قُبِضَ، وَمَالَتْ يَدُهُ» (١). تَقُولُ عَائِشَةُ رضي الله عنها: مَاتَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -، وَإِنَّهُ لَبَيْنَ حَاقِنَتِي وَذَاقِنَتِي، فَلَا أَكْرَهُ شِدَّةَ الْمَوْتِ لأَحَدٍ أَبَدًا بَعْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - (٢)، وتقول أيضًا: «مَا رَأَيتُ أَحَدًا أَشَدَّ عَلَيهِ الوَجَعُ مِن رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -» (٣)، وقال بعض أهل العلم: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - شدد عليه في سكرات الموت، رفعة لدرجاته، وإلا فهو المغفور له ما تقدم من ذنبه، وما تأخر، ثم بدأت الحمى الشديدة تنتشر في جسده عليه الصلاة والسلام، فيقول: «هَرِيقُوا عَلَيَّ مِن سَبعِ قِرَبٍ لَم تُحلَلْ أَوكِيَتُهُنَّ»، فيوضع في مخضب ثم يصب عليه الماء من تلك القرب، حتى أشار إليهم: أَنْ حَسبُكُمْ» (٤).

وكانت فاطمة بجوار النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد رأته وهو يعاني من هذه السكرات العظيمة، فقالت: واكرب أباه. فقال لها: «لَيْسَ عَلَى أَبِيكِ كَرْبٌ بَعْدَ الْيَوْمِ» (٥).

ولما هم بالصلاة مع الناس أغمي عليه ثلاث مرات (٦)، ثم أفاق، ولكنه لا يزال يحمل هم الدعوة إلى الله، فيقول وهو في آخر رمق من حياته: «الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ، وَمَا مَلَكَت أَيمانُكُم (٧)، لَعنَةُ اللهِ عَلَى اليَهُودِ وَالنَّصَارَى، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ (٨)، أَلَا فَلَا


(١) صحيح البخاري برقم (٤٤٤٩).
(٢) صحيح البخاري برقم (٤٤٤٦).
(٣) صحيح البخاري برقم (٥٦٤٦).
(٤) صحيح البخاري برقم (٤٤٤٢).
(٥) صحيح البخاري برقم (٤٤٦٢).
(٦) صحيح مسلم برقم (٤١٨).
(٧) سبق تخريجه.
(٨) صحيح البخاري برقم (٤٣٥)، وصحيح مسلم برقم (٥٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>