للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَتَّخِذُوا الْقُبُورَ مَسَاجِدَ، إِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ» (١).

تقول عائشة رضي الله عنها: لما نزل به - أي الموت - ورأسه على فخذي غُشي عليه ثم أفاق، ثم شخص بصره إلى سقف البيت، وقد أخبرنا قبل ذلك: «إِنَّهُ لَمْ يُقْبَضْ نَبِيٌّ حَتَّى يَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ»، فيخير بين الدنيا وبين ما عند الله، فعرفت أنه لا يختارنا، وأنه الحديث الذي كان يحدثنا وَهْوَ صَحِيحٌ، ثم رفع بصره إلى السماء، وجعل يقول: «مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِم مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ، وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، وَارْحَمْنِي، وَأَلْحِقْنِي بِالرَّفِيقِ الأَعْلَى، اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الأَعْلَى»، فكانت آخر كلمة تكلم بها حتى قبض (٢)، ومالت يده الشريفة.

قالت فاطمة رضي الله عنها: يَا أَبَتَاهْ، أَجَابَ رَبًّا دَعَاهُ، يَا أَبَتَاهْ، إِلَى جِبْرِيلَ نَنْعَاهْ (٣).

قال الحافظ ابن كثير: وكانت وفاته عليه الصلاة والسلام سنة إحدى عشرة من الهجرة في الثاني عشر من ربيع الأول، الموافق يوم الاثنين، ومكث بقية الاثنين ويوم الثلاثاء بكماله، ودفن ليلة الأربعاء، وهو المشهور عند الجمهور (٤).

ومن الدروس والعبر المستفادة من وفاته عليه الصلاة والسلام:

١ - أن الموت سبيل كل حي، فلا أحد كائنًا من كان سيخلد في هذه


(١) صحيح مسلم برقم (٥٣٢).
(٢) صحيح البخاري برقم (٤٤٦٣)، وبرقم (٤٤٣٥) و (٤٤٤٠)، وصحيح مسلم برقم (٢٤٤٤).
(٣) صحيح البخاري برقم (٤٤٦٢).
(٤) البداية والنهاية (٨/ ١٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>