للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَجُفِّ طَلْعَةِ ذَكَرٍ (١)، قَالَ: فَأَيْنَ هُوَ؟ قَالَ: فِي بِئْرِ ذِي أَرْوَانَ»، قَالَتْ: فَأَتَاهَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي أُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، ثُمَّ قَالَ: «يَا عَائِشَةُ، وَاللهِ لَكَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الْحِنَّاءِ، وَلَكَأَنَّ نَخْلَهَا رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ»، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَفَلَا أَحْرَقْتَهُ؟ قَالَ: «لَا، أَمَّا أَنَا فَقَدْ عَافَانِي اللهُ، وَكَرِهْتُ أَنْ أُثِيرَ عَلَى النَّاسِ شَرًّا، فَأَمَرْتُ بِهَا فَدُفِنَتْ» (٢).

وقوله تعالى: {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ}:

الحاسد هو الذي يكره نعمة الله على غيره، فتجده يضيق ذرعًا إذا أنعم الله على هذا الإنسان بمال أو جاه أو علم أو غير ذلك، فيحسده. والحساد نوعان: نوع يحسده ويكره في قلبه نعمة الله على غيره، لكن لا يتعرض للمحسود بشيء، تجده مهمومًا مغمومًا من نعم الله على غيره، والشر والبلاء إنما هو بالحاسد إذا حسد، ولهذا قال {إِذَا حَسَدَ}، ومن حسد الحاسد العين التي تصيب المعان؛ لأنها لا تصدر غالبًا إلا من حاسد شرير الطبع، خبيث النفس، والعين كما جاء في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه من حديث ابن عباس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «العَينُ حَقٌّ، وَلَو كَانَ شَيءٌ سَابِقٌ القَدَرَ سَبَقَتهُ العَينُ» (٣).

وروى ابن عدي في الكامل من حديث جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إِنَّ العَينَ لَتُدخِلُ الرَّجُلَ القَبرَ، وَالجَمَلَ القِدْرَ» (٤).


(١) قوله: جف طلعة ذكر: وهو الغشاء الذي يكون على الطلع، ويطلق على الذكر والأنثى، فلهذا قيده بالذكر في قوله: طلعة ذكر، وهو بالإضافة. أهـ. فتح الباري (١٠/ ٢٢٩).
(٢) صحيح البخاري برقم (٣٢٦٨)، وصحيح مسلم برقم (٢١٨٩) واللفظ له.
(٣) برقم (٢١٨٨).
(٤) الكامل في ضعفاء الرجال (٦/ ٤٠٨)، وقال الشيخ ناصر الدين الألباني: حديث حسن. انظر: صحيح الجامع الصغير برقم (٤١٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>