قوله تعالى: {ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِين (٤٦)} أي بسلامة من كل داء وآفة، وآمنين: أي من كل خوف وفزع، ولا تخشوا من إخراج، ولا انقطاع شيء من النعيم الذي أنتم فيه أو نقصانه، كالموت، والنوم، والمرض، والحزن، والهم، وسائر المكدرات، كما قال تعالى: {ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُود (٣٤)} [ق]؛ روى مسلم في صحيحه من حديث أبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضي اللهُ عنهما: أن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: «يُنَادِي مُنَادٍ إِنَّ لَكُمْ أَنْ تَصِحُّوا فَلَا تَسْقَمُوا أَبَدًا، وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَحْيَوْا فَلَا تَمُوتُوا أَبَدًا، وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَشِبُّوا فَلَا تَهْرَمُوا أَبَدًا، وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَنْعَمُوا فَلَا تَبْأَسُوا أَبَدًا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ عزَّ وجلَّ: {وَنُودُوا أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُون (٤٣)} [الأعراف]» (١)؛ والأمن مطلب لجميع الناس في الدنيا والآخرة، ولذلك قال تعالى عن أهل الجنة: آمنين، حتى تكتمل السعادة والفرحة.
قوله تعالى: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِين (٤٧)} [الحجر]، الغل: هو الحقد والعداوة، فبيَّن تعالى في هذه الآية الكريمة: أنه نزع ما في صدور أهل الجنة من الغل في حال كونهم إخوانًا، وبيَّن هذا المعنى وزاد أنهم تجري من تحتهم