للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لنشاطه في الدعوة، أو لعبادته: وهذا هو الغرور.

روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبان قال: أتيت عثمان بن عفان رضي اللهُ عنه بطهور وهو جالس على المقاعد فتوضأ فأحسن الوضوء، ثم قال: رأيت النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يتوضأ وهو في هذا المجلس، فأحسن الوضوء ثم قال: «مَنْ تَوَضَّأَ مِثْلَ هَذَا الْوُضُوءِ، ثُمَّ أَتَى الْمَسْجِدَ، فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ جَلَسَ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»، قال: وقال النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «لَا تَغْتَرُّوا» (١).

قال الزهري: «من استطاع ألا يغتر فلا يغتر؛ ولما حضرت عبدالعزيز ابن مروان الوفاة وكان واليًا على مصر قال: ائتوني بكفني الذي أكفن فيه أنظر إليه، فلما وضع بين يديه نظر إليه فقال: مالي كثير وما أخلف من الدنيا إلا هذا، ثم ولى ظهره وبكى وقال: أف لك من دار! إن كان كثيرك لقليل! وإن كان قليلك لكثير! وإن كنا منك لفي غرور» (٢).

وبالجملة فالناس على صنفين:

الأول: غرور أهل الدنيا بدنياهم حيث تلهيهم أموالها ومناصبها وزينتها وزخارفها، حتى يدركهم الموت وهم غافلون، قال تعالى: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُر (١) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِر (٢) كَلَاّ سَوْفَ تَعْلَمُون (٣) ثُمَّ كَلَاّ سَوْفَ تَعْلَمُون (٤) كَلَاّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِين (٥) لَتَرَوُنَّ الْجَحِيم (٦)


(١) ص: ١٢٣٥ برقم ٦٤٣٣، وصحيح مسلم ص: ١٢١ برقم ٢٣٢.
(٢) الدر المنثور (٤/ ١٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>