للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي اللهُ عنه: أن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: «إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا» (١)، وروى البخاري في صحيحه من حديث خولة الأنصارية رضي الله عنها: أن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: «إِنَّ رِجَالًا يَتَخَوَّضُونَ فِي مَالِ اللَّهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، فَلَهُمُ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» (٢)؛ قال عبد اللَّه بن المبارك: «لأن أردَّ درهمًا واحدًا من شبهة، أحب إلي من أن أتصدق بمائة ألف».

وقد أخبر سبحانه أن الغرور من شأن الظالمين والكفار، قال تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا فَهُمْ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّنْهُ بَلْ إِن يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُم بَعْضًا إِلَاّ غُرُورًا (٤٠)} [فاطر].

فمن الناس من إذا أعطي مالًا أو منصبًا أو جاهًا، ظن أن هذا دليل على إكرام اللَّه له ورضاه عنه، وأن هذا المنصب أو المال: إنما حصل عليه باجتهاده وتعبه؛ وهذا يشبه قارون عندما قال عن ماله: {إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي} [القصص: ٧٨]، قال تعالى: {فَأَمَّا الإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَن (١٥) وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَن (١٦) كَلَاّ} [الفجر]، أي: ليس الأمر كذلك؛ وآخرون إذا أعطي أحدهم نصيبًا من العلم الشرعي أو الدعوة أو العبادة: اغتر بذلك، وأعجب بعمله، وترفعت نفسه عن الآخرين، بل إن بعضهم يرى أن إخوانه ينبغي أن يخدموه ويوقروه، تقديرًا لعلمه أو


(١) قطعة من حديث في صحيح مسلم ص: ٣٩١، برقم ١٠١٥.
(٢) ص: ٥٩٦، برقم ٣١١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>