للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخَلْق؛ فأما مع الخالق: فإن العُجب بالطاعات نتيجة استعظامها، فكأنه يَمُنُّ على اللَّه تعالى بفعلها وينسى نعمته عليه بتوفيقه لها، ويعمى عن آفاتها المفسدة لها؛ وإنما يتفقد آفات الأعمال من خاف ردَّها دون من رضيها وأُعجب بها، والعُجب إنما يكون بوصف كمال من علم أو عمل؛ فإن انضاف إلى ذلك أن يرى حقًّا له عند اللَّه إدلالاً، فالعُجب يحصل باستعظام ما عُجب به، والإدلال يوجب توقع الجزاء، مثل أن يتوقع إجابة دعائه وينكر ردَّه (١). اهـ.

وَعِلَّةُ العُجب: الجهل المحض، وعلاجه: المعرفة المضادة لذلك الجهل، أي معرفة بأن ذلك الذي أثار إعجابه نعمة من اللَّه عليه من غير حق سبق له، ومن غير وسيلة يُدلي بها، ومن ثم ينبغي أن يكون إعجابه بجود اللَّه وكرمه وفضله؛ وإذا تم علم الإنسان لم ير لنفسه عملاً ولم يُعجب به، لأن اللَّه هو الذي وفقه إليه، وإذا قيس بالنعم لم يَفِ بمعشار عُشرها، هذا إذا سلم من شائبة وسلم من غفلة، فأما والغفلات تحيط به، فينبغي أن يُغلِّب الحذر من رده، ويخاف العقاب على التقصير فيه: هذا في علاج العُجب إجمالاً؛ أما علاج حالاته تفصيلاً: فإن ذلك يختلف باختلاف ما يحدث به العُجب، فإن كان ناشئًا عن حالة البدن وما يتمتع به صاحبه من الجمال والقوة ونحوهما، فعلاجه التفكر في أقذار باطنه، وفي أول أمره وآخره، وفي الوجوه الجميلة والأبدان الناعمة، كيف تمرغت في التراب وأنتنت في القبور حتى استقذرتها الطباع!

وإن كان العُجب بكثرة الأموال والأولاد والخدم والأقارب


(١) مختصر منهاج القاصدين: ص: ٢٩٨، ٢٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>