للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مضرَّجًا بدمائه، قال تعالى: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً (٢٣)} [الأحزاب].

روى البخاري في صحيحه من حديث أبي وائل قال: عُدْنَا خَبَّابًا فَقَالَ: هَاجَرْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نُرِيدُ وَجْهَ اللَّهِ فَوَقَعَ أَجْرُنَا عَلَى اللَّهِ، فَمِنَّا مَنْ مَضَى لَمْ يَاخُذْ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا، مِنْهُمْ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ: قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ وَتَرَكَ نَمِرَةً؛ فَكُنَّا إِذَا غَطَّيْنَا بِهَا رَاسَهُ بَدَتْ رجلاهُ، وَإِذَا غَطَّيْنَا رِجْلَيْهِ بَدَا رَأسُهُ، فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أَنْ نُغَطِّيَ رَاسَهُ وَنَجْعَلَ عَلَى رِجْلَيْهِ شَيْئًا مِنْ إِذخِرٍ، وَمِنَّا مَنْ أَيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرَتُهُ فَهُوَ يَهْدِبُهَا (١).

فارق مصعب بن عمير الدنيا شهيدًا لم يخلف وراءه شيئًا من متاع الدنيا، ترك المال والجاه والنعيم، وآثرما عند اللَّه، قال تعالى: {مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ اللهِ بَاقٍ} [النحل: ٩٦]؛ روى الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي قتادة وأبي الدهماء أن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: «إِنَّكَ لَنْ تَدَعَ شَيْئًا للَّهِ عزَّ وجلَّ، إِلا بَدَّلَكَ اللَّهُ بِهِ مَا هُوَ خَيْرٌ لَكَ مِنْهُ» (٢).

رضي اللَّه عن مصعب، وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، وجمعنا به في دار كرامته: مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقًا.

والحمد للَّه رب العالمين، وصلى اللَّه وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.


(١) ص: ٧٤٠ برقم ٣٨٩٧.
(٢) (٣٨/ ١٧٠) برقم ٢٣٠٧٤، وقال الألباني رحمه الله في «السلسلة الضعيفة» (١/ ١٩): وسنده صحيح على شرط مسلم؛ وقال محققو المسند: إسناده صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>