للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنه سئل عن أكبر الكبائر؟ فقال: الشرك باللَّه، واليأس من روح اللَّه، والأمن من مكر اللَّه، والقنوط من رحمة اللَّه (١).

والشرك باللَّه أعظم الذنوب عند اللَّه، قال تعالى: {إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء} [النساء: ١١٦]. واليأس من روح اللَّه أي: قطع الرجاء والأمل من اللَّه فيما يخافه ويرجوه، فإذا كان في كربة أو شدة يستبعد زوالها، وذلك إساءة ظن باللَّه، وجهل به وبسعة رحمته وجوده ومغفرته. قال تعالى عن نبيه يعقوب عليه السَّلام: {إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللهِ إِلَاّ الْقَوْمُ الْكَافِرُون (٨٧)} [يوسف].

روى الترمذي في سننه من حديث أنس أن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم دخل على شاب وهو في الموت فقال: «كَيفَ تَجِدُكَ؟ » قال: واللَّه يا رسول اللَّه إني أرجو اللَّه وإني أخاف ذنوبي، فقال رسول اللَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «لَا يَجْتَمِعَانِ فِي قَلْبِ عَبْدٍ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْطِنِ إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ مَا يَرْجُو وَآمَنَهُ مِمَّا يَخَافُ» (٢).

وفي هذا الحديث الجمع بين الخوف والرجاء، فإذا خاف فلا يقنط ولا ييأس بل يرجو رحمة اللَّه، وكان السلف يستحبون أن يُقوي في الصحة الخوف وفي المرض الرجاء. قال أبو سليمان الداراني: وينبغي للقلب أن يكون الغالب عليه الخوف، فإذا غلب الرجاء فسد القلب (٣). روى مسلم في صحيحه من حديث جابر رضي اللهُ عنه قال: سمعت


(١) (١٠/ ٤٥٩ - ٤٦٠).
(٢) ص: ١٧٧ برقم ٩٨٣، صحّحه الألباني في صحيح سنن الترمذي (١/ ٢٨٩) برقم ٧٨٥.
(٣) فتح المجيد ص: ٤١٧ - ٤١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>