للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحكم من هذا (١).

هذا الحديث الشريف اشتمل على فوائد كثيرة:

أولاً: أن في تقليل الطعام منافع كثيرة للجسم، فمن ذلك: رقة القلب، وقوة الفهم، وانكسار النفس، وضعف الهوى والغضب، وكثرة الأكل توجب ضد ذلك.

قال المروذي: جعل أبو عبد اللَّه - يعني الإمام أحمد بن حنبل - يعظم الجوع والفقر، فقلت له: يؤجر الرجل في ترك الشهوات؟ فقال: وكيف لا يؤجر وابن عمر يقول: ما شبعت منذ أربعة أشهر؛ قلت لأبي عبد اللَّه: يجد الرجل من قلبه رقة وهو يشبع؟ قال: ما أرى؛ قال الشافعي: الشبع يثقل البدن ويزيل الفطنة، ويجلب النوم، ويضعف صاحبه عن العبادة (٢).

ثانيًا: أن كثرة الأكل تسبب أمراضًا للبدن، قال ابن القيم رحمه الله: الأمراض نوعان: أمراض مادية تكون عن زيادة مادة، أفرطت في البدن حتى أضرَّت بأفعاله الطبيعية وهي أكثر الأمراض، وسببها إدخال الطعام على البدن قبل هضم الأول، والزيادة في القدر الذي يحتاج إليه البدن، وتناول الأغذية القليلة النفع، البطيئة الهضم، والإكثار من الأغذية المختلفة التراكيب المتنوعة؛ فإذا ملأ الآدمي بطنه من هذه الأغذية واعتاد ذلك: أورثته أمراضًا متنوعة، منها بطيء الزوال أو


(١) جامع العلوم والحكم ص: ٥٠٣؛ وفتح الباري (٩/ ٥٢٨).
(٢) جامع العلوم والحكم ص: ٥٠٤ - ٥٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>