للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا علمه سبحانه في الجمادات وحركاتها وسكناتها، أما علمه سبحانه في الطيور والحيوانات وسائر الخلائق، فإن اللَّه تعالى قال: {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَاّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُون (٣٨)} [الأنعام]. وقال تعالى: {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلَاّ عَلَى اللهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِين (٦)} [هود].

فإذا كان هذا علمه بالجمادات والطيور والحيوانات، فكيف بالمكلَّفين من الجن والإنس الذين لم يخلقوا إلا للعبادة؟ قال تعالى عنهم: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُور (١٩)} [غافر]. وقال سبحانه: {وَمَا تَكُونُ فِي شَانٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَاّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاء وَلَا أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلَاّ فِي كِتَابٍ مُّبِين (٦١)} [يونس].

وقال تعالى لنبيه: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيم (٢١٧) الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُوم (٢١٨) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِين (٢١٩) إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيم (٢٢٠)} [الشعراء].

روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة رضي اللهُ عنه: أن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال في حديث جبريل: «أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنَّكَ إِنْ لَا تَكُنْ تَرَاهُ، فَإِنَّهُ يَرَاكَ» (١).

ثانيًا: أن العبد إذا علم أن ربه متصف بدقَّة العلم وإحاطته بكل


(١) ص: ٣٣ برقم ٥٠، وصحيح مسلم ص: ٣٧ برقم ٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>