للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَوَادٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ، ثُمَّ أُلْقِيَ فِي النَّارِ» (١)،

ولما بلغ هذا الحديث معاوية بكى بكاءً شديدًا، فلما أفاق قال: صدق اللَّه ورسوله: {مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُون (١٥) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلَاّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُوا يَعْمَلُون (١٦)} [هود] (٢).

فهؤلاء الثلاثة أول من تسعر بهم النار يوم القيامة، فإن قال قائل: ما الفرق بين إرادة الإنسان بعمله الدنيا والرياء؟ فالجواب: أنهما يجتمعان في العمل لغير وجه اللَّه وفي أنهما شرك خفي، ويفترقان أن الرياء يراد به الجاه والشهرة، وأما طلب الدنيا فيراد به الطمع والعَرَض العاجل، كمن يجاهد من أجل المال فقط؛ والذي يعمل من أجل الطمع والعَرَض العاجل، أعقل من الذي يعمل للرياء، لأن الذي يعمل للرياء لا يحصل له شيء، وأما الذي يعمل من أجل الدنيا، فقد يحصل له طمع في الدنيا ومنفعة.

ولما سئل الشيخ محمد بن عبد الوهاب «عن قوله تعالى: {مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُون (١٥) ذكر أنها تشمل أنواعًا:

النوع الأول: المشرك والكافر الذي يعمل أعمالاً صالحة في هذه الدنيا: من إطعام الطعام، وإكرام الجار، وبر الوالدين، والصدقات


(١) صحيح مسلم ص: ٧٩١ برقم (١٩٠٥) ..
(٢) صحيح ابن حبان (٢/ ١٣٨) برقم ٤٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>