للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الناس! لا طلب ثواب الآخرة.

ثم قال: بقي أن يقال: إذا عمل الرجل الصلوات الخمس، والزكاة والصوم والحج ابتغاء وجه اللَّه، طالبًا ثواب الآخرة، ثم بعد ذلك عمل أعمالاً قاصدًا بها الدنيا، مثل أن يحج فرضه للَّه، ثم يحج بعده لأجل الدنيا، كما هو واقع، فهو لما غلب عليه منهما؛ وقد قال بعضهم: القرآن كثيرًا ما يذكر أهل الجنة الخلَّص وأهل النار الخلَّص، ويسكت عن صاحب الشائبتين: وهو هذا وأمثاله» (١).

قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي - وهو يتحدث عن النوع الثاني الذي سبق ذكره -: وهو الذي يعمل أعمالاً صالحة لا يريد إلا الدنيا: كالذي يتعلم من أجل الوظيفة، أو يعتمر لغيره من أجل المال فقط؛ وأما العمل لأجل الدنيا وتحصيل أغراضها: فإن كانت إرادة العبد كلها لهذا القصد، ولم يكن له إرادة لوجه اللَّه والدار الآخرة، فهذا ليس له في الآخرة من نصيب؛ وهذا العمل على هذا الوصف لا يصدر من مؤمن، فإن المؤمن - وإن كان ضعيف الإيمان - لا بد أن يريد اللَّه والدار الآخرة؛ وأما من عمل العمل لوجه اللَّه ولأجل الدنيا، والقصدان متساويان أو متقاربان، فهذا - وإن كان مؤمنًا -: فإنه ناقص الإيمان والتوحيد والإخلاص، وعمله ناقص لفقده كمال الإخلاص.

وأما من عمل للَّه وحده وأخلص في عمله إخلاصًا تامًّا، لكنه


(١) كتاب الاستنباط/ للشيخ محمد عبد الوهاب ص: ١٢٠ - ١٢٣، نقلاً عن كتاب فتح المجيد شرح كتاب التوحيد/ للشيخ عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب ص: ٤٣٧ - ٤٤١ بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>