للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لجليل - عند هؤلاء الملاحدة خيراً من كلام الله، الذي وصف به نفسه، ووصف به ملائكته، واليوم الآخر، وخيراً من كلام رسوله، لأن قرآن مسيلمة، وإن لم تكن فيه فائدة ولا منفعة، فلا مضرة فيه، ولا فساد، بل يضحك المستمع-كما يضحك الناس- من أمثاله.

وكلام الله ورسوله عند هؤلاء أضل الخلق وأفسد عقولهم، وأديانهم، وأوجب أن يعتقدوا نقيض الحق في الإيمان بالله ورسله، أو يشكوا ويرتابوا في الحق، أو يكونوا- إذا عرفوا بعقلهم- تعبوا تعباً عظيماً في صرف الكلام عن مدلوله ومقتضاه، وصرف الخلق عن اعتقاد مضمونه وفحواه، ومعاداة من يقر بذلك، وهم السواد الأعظم من أتباع الرسل.

وإنما ذكرنا هذا لأن كثيراً من الجهمية النفاة يقولون: فائدة إنزال هذه النصوص المثبتة للصفات، وأمثالها من الأمور الخيرية التي يسمونها هم المشكل والمتشابه، فائدتها عندهم اجتهاد أهل العلم في صرفها عن مقتضاها بالأدلة المعارضة لها حتى تنال النفوس كد الاجتهاد، وحتى تنهض إلى التفكر والاستدلال بالأدلة العقلية المعارضة لها الموصلة إلى الحق، فحقيقة الأمر عندهم أن الرسل خاطبوا الخلق بما لا يبين الحق، ولا يدل على العلم، ولا يفهم منه الهدى، بل يدل على الباطل، ويفهم منه الضلال، ليكون انتفاع الخلق بخطاب الرسول اجتهادهم في رد ما أظهرته الرسل وأفهمته الخلق، وأنهم بسبب ذلك ينظرون نظراً

<<  <  ج: ص:  >  >>