للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهكذا يقول للمعتزلة منازعوهم، يقولون: أنتم موافقون لسائر المسلمين وأهل الملل على أن الله خلق السماوات والأرض في ستة أيام، وأنه خالق كل شيء، وأنه القديم، وكل ما سواه محدث مسبوق بالعدم.

ومقصودكم بالأدلة بيان ذلك، فأي حاجة لكم إلى أن تسلموا للدهرية ما يستظهرون به عليكم؟

وإذا جاز أن يكون الله خلقها وأحدثها بأفعال أحدثها قبل ذلك، وكل حادث مسبوق بحادث، مع أن ما سوى الله مخلوق مصنوع مفطور، حصل مقصودكم.

وإذا كان الله تعالى لم يزل متكلماً إذا شاء، أو فاعلاً لما يشاء، لم يناقض هذا كون العالم مخلوقاً له، فتكون السماوات والأرض مخلوقة في ستة أيام، كما أخبرت بذلك الرسل، والله خالق كل شيء، وكل ما سواه محدث مسبوق بالعدم.

ويقول لهم منازعوهم: أنتم أردتم إثبات حدوث العالم، وإثبات الصانع سبحانه بما جعلتموه شرطاً في حدوثه، بل وشرطاً في العلم بالصانع، فكان ما ذكرتموه مناقضاً لحدوث العالم، وللعلم بحدوثه، وللعلم بإثبات الصانع.

وذلك أنكم ظننتم أنه لا يتم حدوث السماوات إلا بامتناع حوادث لا أول لها، وأن إحداث الله تعالى لشيء من مخلوقاته لا يمكن إلا إذا بقي من الأزل إلى حين أحداث المحدثات، لم يفعل شيئاً من الأفعال ولا الأقوال، بل ولا كان يمكنه عندكم الفعل الدائم، ولا أن تكون كلماته دائمة لا نهاية

<<  <  ج: ص:  >  >>