للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن المقصود أن علمه بنفسه وبمخلوقاته متلازمان، يمتنع ثبوت العلم بنفسه دون العلم بخلقه، كما يمتنع ثبوت العلم بخلقه بدون العلم بنفسه.

والرازي لعله رد ما قد يضاف إلى ابن سينا وحزبه، من أن علمه بنفسه هو الذي أوجب علمه بخلقه، وكان ذلك العلم علة لهذا العلم، كعلمنا نحن بالدليل الذي يوجب حكمنا بالمدلول عليه.

وما ذكره يدل على فساد قول هؤلاء، فإنه إذا قيل: إن علمه بكونه علة للمعلول، هو الموجب لعلمه بالمعلول، لزم الدور، كما ذكر، فإنه لا يعلم كونه علة للمعلول، حتى يعلم المعلول، كما ذكره من أن العلم بالإضافة مشروط بالعلم بالمضافين، فلا تعلم أن هذا علة لذاك، حتى تعلم هذا وذاك، فلو كان علمك بذاك، مستفاداً من علمك بهذه الإضافة، لزم الدور.

ونحن قد بينا فساد هذا، وقلنا: المراد إن علمه بهذا يستلزم علمه بهذا، أي يمتنع تحقق هذا العلم بدون هذا العلم، وإن لم يكن أحدهما هو العلة للآخر.

كما يمتنع تحقق إرادته دون علمه، وعلمه دون قدرته، وسائر صفاته المتلازمة، ويمتنع تحقق ذاته دون صفاته، وصفاته دون ذاته، فكل منها يستلزم الآخر، فيستدل بثبوت واحد منها على ثبوت سائرها، إذا عرف بلازمها، وإن لم يجعل هذا هو العلة في وجود هذا.

ونحن مقصودنا بيان ما دل على أن الله بكل شيء عليم، وبيان ما ذكره ابن سينا، وغيره من الفلاسفة والمتكلمين، مما يدل على ذلك،

<<  <  ج: ص:  >  >>