بِخِلَافِ الْفَاءِ وَالْوَاوِ فَإِنَّهُ يَكْفِي قَبْضُ الْبَعْضِ كَذَا فِي بَعْضِ الْمُعْتَبَرَاتِ، لَكِنْ فِي الْقَوْلِ بِأَنَّ الْفَاءَ كَالْوَاوِ فِي هَذَا الْحُكْمِ نَظَرٌ، لِأَنَّ ثُمَّ يُفِيدُ التَّرْتِيبَ وَالتَّرَاخِيَ، وَالْفَاءَ يُفِيدُ التَّعْقِيبَ وَالتَّرْتِيبَ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَثْبُتَ الْإِذْنُ فِيهَا قَبْلَ الْقَبْضِ بَلْ يَثْبُتُ عَقِيبَهُ بِخِلَافِ الْوَاوِ فَإِنَّهَا لِمُطْلَقِ الْجَمْعِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِمُقَارَنَةٍ وَلَا تَرْتِيبٍ.
وَفِي الْمُجْتَبَى: وَلَوْ قَالَ: اشْتَرِ لِي عَبْدًا نَسِيئَةً ثُمَّ بِعْهُ وَاعْمَلْ بِثَمَنِهِ مُضَارَبَةً، فَاشْتَرَاهُ ثُمَّ بَاعَهُ وَعَمِلَ فِيهِ جَازَ وَلَوْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ لِلْغَاصِبِ، أَوْ الْمُسْتَوْدَعِ، أَوْ الْمُبَعَّضِ: اعْمَلْ بِمَا فِي يَدِك مُضَارَبَةً جَازَ.
(وَشُرِطَ تَسْلِيمُ الْمَالِ إلَى الْمُضَارِبِ بِلَا يَدٍ لِرَبِّ الْمَالِ فِيهِ) لِأَنَّ تَخْلِيَةَ الْمَالِ لِلْعَامِلِ وَاجِبٌ لِلتَّمَكُّنِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ حَتَّى لَوْ شَرَطَ عَمَلَ رَبِّ الْمَالِ مَعَهُ لَفَسَدَتْ الْمُضَارَبَةُ، لِأَنَّ ذَلِكَ مُخِلٌّ بِالتَّسْلِيمِ بِخِلَافِ الشَّرِكَةِ (عَاقِدًا كَانَ) رَبُّ الْمَالِ (أَوْ غَيْرَ عَاقِدٍ كَالصَّغِيرِ إذَا عَقَدَهَا) أَيْ الْمُضَارَبَةَ (لَهُ) أَيْ لِلْمُضَارِبِ (وَلِيُّهُ) أَيْ وَلِيُّ الصَّغِيرِ، وَشَرَطَ عَمَلَ الصَّغِيرِ مَعَهُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ يَدَ الْمَالِكِ ثَابِتٌ لَهُ، وَبَقَاءُ يَدِهِ يَمْنَعُ التَّسْلِيمَ إلَى الْمُضَارِبِ (وَأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ إذَا عَقَدَهَا) أَيْ الْمُضَارَبَةَ (الْآخَرُ) أَيْ إذَا دَفَعَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ أَوْ أَحَدُ شَرِيكَيْ الْعِنَانِ الْمَالَ مُضَارَبَةً وَشَرَطَ عَمَلَ شَرِيكِهِ مَعَهُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِقِيَامِ الْمِلْكِ لَهُ، فَالْمُعْتَبَرُ فِيهِ عَمَلُ الْمَالِكِ لَا الْعَاقِدِ حَتَّى لَوْ دَفَعَ الْأَبُ الْوَصِيُّ مَالَ الصَّغِيرِ وَشَرَطَ عَمَلَ نَفْسِهِ جَازَ لِأَنَّهُمَا مِنْ أَهْلِ أَنْ يَأْخُذَا مَالَ الصَّغِيرِ مُضَارَبَةً بِأَنْفُسِهِمَا فَجَازَ اشْتِرَاطُ الْعَمَلِ عَلَيْهِمَا، بِخِلَافِ الْمَأْذُونِ لَوْ دَفَعَ مَالَهُ مُضَارَبَةً وَشَرَطَ عَمَلَهُ مَعَهُ فَإِنَّهُ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ الْيَدَ الْمُتَصَرِّفَةَ ثَابِتَةٌ لَهُ فَنُزِّلَ مَنْزِلَةَ الْمَالِكِ، وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ الْوَصِيَّ إذَا دَفَعَ مَالَ الصَّغِيرِ إلَى نَفْسِهِ مُضَارَبَةً جَازَ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْوَصِيَّ لَا يَجْعَلُ لِنَفْسِهِ أَكْثَرَ مِمَّا يَجْعَلُ لِأَمْثَالِهِ كَمَا قَالَهُ الطَّرْطُوسِيُّ.
(وَ) شُرِطَ (كَوْنُ الرِّبْحِ بَيْنَهُمَا مُشَاعًا) أَيْ لَا تَصِحُّ الْمُضَارَبَةُ حَتَّى يَكُونَ الرِّبْحُ مُشَاعًا بَيْنَهُمَا بِأَنْ يَكُونَ أَثْلَاثًا أَوْ مُنَصَّفًا وَنَحْوَهُمَا، لِأَنَّ الشَّرِكَةَ لَا تَتَحَقَّقُ إلَّا بِهِ فَلَوْ شُرِطَ لِأَحَدِهِمَا دَرَاهِمُ مُسَمَّاةٌ تَبْطُلُ فَيَكُونُ الرِّبْحُ لِرَبِّ الْمَالِ، وَشُرِطَ كَوْنُ نَصِيبِ كُلٍّ مِنْ الْمُضَارِبِ وَرَبِّ الْمَالِ مَعْلُومًا عِنْدَ الْعَقْدِ، وَكَوْنُ رَأْسِ الْمَالِ مَعْلُومًا تَسْمِيَةً أَوْ إشَارَةً (فَتَفْسُدُ) الْمُضَارَبَةُ (إنْ شُرِطَ لِأَحَدِهِمَا عَشَرَةُ دَرَاهِمَ مَثَلًا) لِأَنَّ اشْتِرَاطَ ذَلِكَ مِمَّا يَقْطَعُ الشَّرِكَةَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ رُبَّمَا لَا يَرْبَحُ بِالشَّرْطِ فَإِذَا لَمْ يَصِحَّ بَقِيَتْ مَنَافِعُهُ مُسْتَوْفَاةً بِحُكْمِ الْعَقْدِ فَيَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ.
وَفِي التَّنْوِيرِ وَلَوْ ادَّعَى الْمُضَارِبُ فَسَادَهَا فَالْقَوْلُ لِرَبِّ الْمَالِ وَبِعَكْسِهِ فَلِلْمُضَارِبِ (وَكُلُّ شَرْطٍ يُوجِبُ جَهَالَةَ الرِّبْحِ) كَشَرْطِ رَبِّ الْمَالِ عَلَى الْمُضَارِبِ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ أَرْضَهُ لِيَزْرَعَهَا سَنَةً أَوْ، دَارِهِ لِيَسْكُنَهَا سَنَةً (يُفْسِدُهَا) أَيْ الْمُضَارَبَةَ لِأَنَّهُ جَعَلَ بَعْضَ الرِّبْحِ عِوَضًا عَنْ عَمَلِهِ وَالْبَعْضَ أُجْرَةَ دَارِهِ أَوْ أَرْضِهِ وَلَا يَعْلَمُ حِصَّةَ الْعَمَلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute