للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حَتَّى تَجِبَ حِصَّتُهُ وَتُسْقِطَ مَا أَصَابَ مَنْفَعَةَ الدَّارِ (وَمَا) أَيْ كُلُّ شَرْطٍ (لَا) يُوجِبُ جَهَالَةَ الرِّبْحِ (فَلَا) يُفْسِدُ الْمُضَارَبَةَ (وَ) لَكِنْ (يَبْطُلُ الشَّرْطُ) لِأَنَّهُ لَا يُفْضِي إلَى جَهَالَةِ حِصَّةِ الْعَمَلِ، إذْ نَصِيبُهُ مِنْ الرِّبْحِ مُقَابَلٌ بِعَمَلِهِ لَا غَيْرُ وَلَا جَهَالَةَ فِيهِ (كَشَرْطِ الْوَضِيعَةِ) وَهِيَ الْخُسْرَانُ (عَلَى الْمُضَارِبِ) لِأَنَّ الْخُسْرَانَ جُزْءٌ هَالِكٌ مِنْ الْمَالِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَلْزَمَ غَيْرَ رَبِّ الْمَالِ لَكِنَّهُ شَرْطٌ زَائِدٌ لَا يُوجِبُ قَطْعَ الشَّرِكَةِ فِي الرِّبْحِ وَلَا الْجَهَالَةَ فِيهِ فَلَا يُفْسِدُ الْمُضَارَبَةَ؛ لِأَنَّهَا لَا تَفْسُدُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ كَالْوَكَالَةِ وَلِأَنَّ صِحَّتَهَا تَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبْضِ فَلَا تَبْطُلُ بِالشَّرْطِ كَالْهِبَةِ.

(وَلِلْمُضَارِبِ فِي مُطْلَقِهَا) أَيْ مُطْلَقِ الْمُضَارَبَةِ وَهُوَ مَا لَمْ يُقَيَّدْ بِمَكَانٍ أَوْ زَمَانٍ أَوْ نَوْعٍ مِنْ التِّجَارَةِ، نَحْوُ أَنْ يَقُولَ دَفَعْت إلَيْك هَذَا الْمَالَ مُضَارَبَةً وَلَمْ؛ يَزِدْ عَلَيْهِ (أَنْ يَبِيعَ وَيَشْتَرِيَ وَيُوَكِّلَ بِهِمَا) أَيْ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ (وَيُسَافِرَ) بِمَالِ الْمُضَارَبَةِ بَرًّا وَبَحْرًا، وَلَوْ دَفَعَ الْمَالَ فِي بَلَدِهِ عَلَى الظَّاهِرِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَا يُسَافِرُ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ.

وَعَنْ الْإِمَامِ إنْ دَفَعَ إلَيْهِ الْمَالَ فِي بَلَدِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ.

وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ وَلَا يُسَافِرُ سَفَرًا مَخُوفًا يَتَحَامَى النَّاسُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِمْ.

(وَيُبْضِعَ) مِنْ الْإِبْضَاعِ وَهُوَ أَنْ يَدْفَعَ إلَى غَيْرِهِ مَالًا يَعْمَلُ فِيهِ وَيَكُونَ الرِّبْحُ لِرَبِّ الْمَالِ (وَيُودِعَ وَيَرْهَنَ وَيَرْتَهِنَ وَيُؤَاجِرَ وَيَسْتَأْجِرَ وَيَحْتَالَ بِالثَّمَنِ عَلَى الْأَيْسَرِ وَغَيْرِهِ) لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ مِنْ صَنِيعِ التُّجَّارِ.

(وَلَوْ أَبْضَعَ) الْمُضَارِبُ (لِرَبِّ الْمَالِ صَحَّ وَلَا تَفْسُدُ بِهِ) أَيْ بِالْإِبْضَاعِ (الْمُضَارَبَةُ) وَقَالَ زُفَرُ: تَفْسُدُ لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ حِينَئِذٍ مُتَصَرِّفٌ فِي مَالِ نَفْسِهِ، وَهُوَ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا فِيهِ فَيَكُونُ مُسْتَرِدًّا لَهُ، وَلَنَا أَنَّ التَّصَرُّفَ فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ صَارَ حَقًّا لِلْمُضَارِبِ فَيَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ رَبُّ الْمَالِ وَكِيلًا عَنْهُ فِي التَّصَرُّفِ فِيهِ.

(وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ لِلْمُضَارِبِ (أَنْ يُضَارِبَ) مَالَ الْمُضَارَبَةِ لِآخَرَ (إلَّا بِإِذْنِ رَبِّ الْمَالِ) صَرِيحًا (أَوْ بِقَوْلِهِ لَهُ) أَيْ لِلْمُضَارِبِ (اعْمَلْ بِرَأْيِك) لِأَنَّ الشَّيْءَ لَا يَتَضَمَّنُ مِثْلَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّنْصِيصِ عَلَيْهِ أَوْ التَّفْوِيضِ الْمُطْلَقِ إلَيْهِ كَالْوَكِيلِ لَا يَمْلِكُ التَّوْكِيلَ إلَّا بِقَوْلِ الْأَصِيلِ اعْمَلْ بِرَأْيِك، بِخِلَافِ الْإِبْضَاعِ وَالْإِيدَاعِ لِأَنَّهُمَا دُونَ الْمُضَارَبَةِ لَا مِثْلُهَا فَيَتَضَمَّنُهُمَا.

(وَلَا) أَيْ لَيْسَ لِلْمُضَارِبِ (أَنْ يُقْرِضَ أَوْ يَسْتَدِينَ) بِأَنْ يَشْتَرِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ (أَوْ يَهَبَ أَوْ يَتَصَدَّقَ) ، وَإِنْ قِيلَ لَهُ اعْمَلْ بِرَأْيِك، لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهَذَا الْقَوْلِ التَّعْمِيمُ فِي كُلِّ مَا هُوَ مِنْ صَنِيعِ التُّجَّارِ، وَهَذَا لَيْسَ مِنْ صَنِيعِهِمْ إذْ الرِّبْحُ الْمَقْصُودُ عِنْدَهُمْ لَا يَحْصُلُ بِهَا (إلَّا بِتَنْصِيصٍ) مِنْ رَبِّ الْمَالِ عَلَى الْإِقْرَاضِ وَالِاسْتِدَانَةِ وَالْهِبَةِ وَالتَّصَدُّقِ فَحِينَئِذٍ مَلَكَهَا، وَفَرَّعَ عَلَى الِاسْتِدَانَةِ بِقَوْلِهِ.

(فَإِنْ شَرَى بِمَالِهَا) أَيْ الْمُضَارَبَةِ (بَزًّا) بِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَالزَّايِ الْمُعْجَمَةِ عِنْدَ أَهْلِ الْكُوفَةِ: ثِيَابُ الْكَتَّانِ لَا ثِيَابُ الصُّوفِ وَالْخَزِّ كَمَا فِي الْمُغْرِبِ (وَقَصَرَهُ) أَيْ غَسَلَهُ بِأُجْرَةٍ مِنْ مَالِهِ مِنْ قَصَرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>