بَعْضَ الْغَنِيمَةِ بَعْضَ النَّاسِ لَكِنَّ الِانْحِصَارَ عَلَى الثَّلَاثَةِ لَا يَلِيقُ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّ إذَا مَاتَ مُجْهِلًا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَكَذَا الْأَبُ إذَا مَاتَ مُجْهِلًا مَالَ ابْنِهِ، وَكَذَا إذَا مَاتَ الْوَارِثُ مُجْهِلًا مَا أَوْدَعَهُ عِنْدَ مُوَرِّثِهِ، وَكَذَا إذَا مَاتَ مُجْهِلًا لِمَا أَلْقَتْهُ الرِّيحُ فِي بَيْتِهِ، وَكَذَا إذَا مَاتَ مُجْهِلًا لِمَا وَضَعَهُ مَالِكُهُ فِي بَيْتِهِ بِغَيْرِ عِلْمِهِ، وَكَذَا إذَا مَاتَ الصَّبِيُّ مُجْهِلًا لِمَا أُودِعَ عِنْدَهُ مَحْجُورًا، وَكَذَا لَوْ مَاتَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ وَلَمْ يُبَيِّنْ حَالَ الْمَالِ الَّذِي فِي يَدِهِ لَمْ يَضْمَنْ نَصِيبَ شَرِيكِهِ.
(وَلِلْمُودَعِ أَنْ يَحْفَظَهَا) أَيْ الْوَدِيعَةَ (بِنَفْسِهِ) فِي دَارِهِ، وَمَنْزِلِهِ وَحَانُوتِهِ، وَلَوْ إجَارَةً أَوْ عَارِيَّةً (وَعِيَالِهِ) مِنْ زَوْجَتِهِ، وَوَلَدِهِ وَوَالِدَيْهِ وَأَجِيرِهِ لِلْمُسَاكَنَةِ سَوَاءٌ كَانُوا فِي نَفَقَتِهِ أَوْ لَا، وَكَذَا لَوْ حَفِظَتْ الزَّوْجَةُ الْوَدِيعَةَ بِزَوْجِهَا فَضَاعَتْ لَا تَضْمَنُ الزَّوْجَةُ؛ لِأَنَّهُ سَاكِنٌ مَعَهَا بِلَا نَفَقَةٍ مِنْهَا وَالْمُرَادُ مِنْ الْأَجِيرِ التِّلْمِيذُ الْخَاصُّ الَّذِي اسْتَأْجَرَهُ مُسَانَهَةً أَوْ مُشَاهَرَةً بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ طَعَامُهُ وَكِسْوَتُهُ عَلَيْهِ، وَوَلَدُهُ الْكَبِيرُ إنْ كَانَ فِي عِيَالِهِ دُونَ الْأَجِيرِ الْمُيَاوَمَةِ.
وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَشْهَبَ الْمَالِكِيِّ يَضْمَنُ بِالدَّفْعِ وَشَرْطُ كَوْنِ مَنْ فِي عِيَالِهِ أَمِينًا، فَلَوْ دَفَعَ إلَى زَوْجَتِهِ وَهِيَ غَيْرُ أَمِينَةٍ، وَهُوَ غَيْرُ عَالِمٍ بِذَلِكَ أَوْ تَرَكَهَا فِي بَيْتِهِ الَّذِي فِيهِ وَدَائِعُ النَّاسِ، وَذَهَبَ فَضَاعَتْ ضَمِنَ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ.
(وَلَهُ) أَيْ لِلْمُودَعِ (السَّفَرُ بِهَا) أَيْ الْوَدِيعَةِ (عِنْدَ عَدَمِ النَّهْيِ) عَنْ الْمَالِكِ (وَالْخَوْفِ) عَلَى الْوَدِيعَةِ بِالْإِخْرَاجِ بِأَنْ كَانَ الطَّرِيقُ أَمِينًا لَا يَقْصِدُ أَحَدٌ بِسُوءٍ غَالِبًا فِيهِ، وَلَوْ قَصَدَهُ يُمْكِنُهُ دَفْعُهُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِرُفْقَتِهِ هَذَا عِنْدَ الْإِمَامِ سَوَاءٌ كَانَ حِمْلٌ وَمُؤْنَةٌ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ مُطْلَقٌ فَلَا يَتَقَيَّدُ بِالْمَكَانِ كَمَا لَا يَتَقَيَّدُ بِالزَّمَانِ، وَأَمَّا إذَا قَالَ: احْفَظْهَا فِي هَذَا الْمِصْرِ وَلَا تُخْرِجْهَا مِنْهُ، فَإِنْ كَانَ سَفَرًا لَهُ بُدٌّ مِنْهُ ضَمِنَ، وَإِنْ كَانَ سَفَرًا لَا بُدَّ مِنْهُ إنْ كَانَ فِي الْمِصْرِ مَنْ فِي عِيَالِهِ فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنَهُ تَرْكُهَا فِي أَهْلِهِ وَإِلَّا لَمْ يَضْمَنْ وَيَضْمَنُ لَوْ سَافَرَ بِهَا فِي الْبَحْرِ إجْمَاعًا (خِلَافًا لَهُمَا فِيمَا لَهُ حِمْلٌ وَمُؤْنَةٌ) ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ صَاحِبِهَا أَنَّهُ لَا يَرْضَى بِهِ فَيَتَقَيَّدُ لَكِنْ قِيلَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ إذَا كَانَ السَّفَرُ بَعِيدًا فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ فِيمَا لَهُ حِمْلٌ وَمُؤْنَةٌ.
وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَيْسَ لَهُ السَّفَرُ بِهَا بَعِيدًا كَانَ أَوْ قَرِيبًا فِيمَا لَهُ حِمْلٌ وَمُؤْنَةٌ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ فِي الْوَجْهَيْنِ.
(فَإِنْ حَفِظَهَا) أَيْ الْمُودَعُ الْوَدِيعَةَ (بِغَيْرِهِمْ) أَيْ بِغَيْرِ مَنْ فِي عِيَالِهِ فَضَاعَتْ (ضَمِنَ) الْمُودَعُ أَوْ ذَلِكَ الْغَيْرُ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ؛ لِأَنَّ صَاحِبَهَا لَمْ يَرْضَ بِيَدِ غَيْرٍ، وَالْأَيْدِي تَخْتَلِفُ فِي الْأَمَانَةِ، وَلَكِنْ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ الْمُودَعُ إذَا دَفَعَ الْوَدِيعَةَ إلَى وَكِيلِهِ، وَلَيْسَ فِي عِيَالِهِ أَوْ دَفَعَ إلَى أَمِينٍ مِنْ أُمَنَائِهِ مِمَّنْ يَثِقُ بِهِ فِي مَالِهِ، وَلَيْسَ فِي عِيَالِهِ لَا يَضْمَنُ.
وَفِي النِّهَايَةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، ثُمَّ قَالَ، وَعَنْ هَذَا لَمْ يُشْتَرَطْ فِي التُّحْفَةِ فِي حِفْظِ الْوَدِيعَةِ بِالْعِيَالِ (إلَّا إذَا خَافَ) الْمُودَعُ (الْحَرْقَ) بِأَنْ وَقَعَتْ نَارٌ الْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى فِي دَارِهِ فَخَافَ هَلَاكَ الْوَدِيعَةِ (أَوْ) خَافَ (الْغَرَقَ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute