فِي مَسْقَاهُ فَيَأْخُذُ قَبْضَةً مِنْ تَمْرٍ وَقَبْضَةً مِنْ زَبِيبٍ فَيَطْرَحُهُمَا فِيهِ ثُمَّ يَصُبُّ عَلَيْهِ الْمَاءَ فَيَنْتَبِذُهُ غَدْوَةً فَيَشْرَبُهُ عَشِيَّةً وَيَنْتَبِذُهُ عَشِيَّةً فَيَشْرَبُهُ غَدْوَةً» فَعُلِمَ أَنَّهُ قَبْلَ الِاشْتِدَادِ لِأَنَّهُ لَا يَشْتَدُّ فِي الْغَدْوَةِ وَكَذَا فِي الْعَشِيَّةِ غَالِبًا تَتَبَّعْ.
(وَكَذَا) يَحِلُّ (الْمُثَلَّثُ وَهُوَ عَصِيرُ الْعِنَبِ إذَا طُبِخَ حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثَاهُ) وَبَقِيَ الثُّلُثُ وَلَا يُعْتَبَرُ بِمَا خَرَجَ مِنْ الْقِدْرِ مِنْ شِدَّةِ الْغَلَيَانِ مِنْ الزَّبَدِ فَلَوْ طُبِخَ عَشْرَةُ أَصْوُعٍ مِنْ الْعَصِيرِ فَذَهَبَ صَاعٌ بِالزَّبَدِ طُبِخَ الْبَاقِي حَتَّى يَذْهَبَ سِتَّةٌ أَصْوُعٍ وَيَبْقَى الثُّلُثُ فَيَحِلُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُطْبَخَ مَوْصُولًا فَإِذَا انْقَطَعَ الطَّبْخُ ثُمَّ أُعِيدَ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ تَغَيُّرِهِ بِحُدُوثِ الْمَرَارَةِ وَغَيْرِهَا حَلَّ وَإِلَّا حَرُمَ وَهُوَ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ.
(وَإِنْ) وَصْلِيَّةٌ (اشْتَدَّ) وَقَذَفَ مَا لَمْ يُسْكِرْ بِلَا نِيَّةِ لَهْوٍ وَطَرَبٍ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ لِأَنَّهُ لِغِلْظَتِهِ لَا يَدْعُو إلَى إكْثَارِ شُرْبِهِ وَهُوَ فِي نَفْسِهِ غَدَاءٌ فَبَقِيَ عَلَى أَصْلِ الْإِبَاحَةِ كَمَا مَرَّ تَفْصِيلُهُ قُبَيْلَهُ.
وَفِي الْهِدَايَةِ وَاَلَّذِي يَصُبُّ الْمَاءَ بَعْدَمَا ذَهَبَ ثُلُثَاهُ بِالطَّبْخِ حَتَّى يَرِقَّ ثُمَّ يَطْبُخَ طَبْخَةً فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمُثَلَّثِ لِأَنَّ صَبَّ الْمَاءِ لَا يَزِيدُهُ إلَّا ضَعْفًا بِخِلَافِ مَا إذَا صَبَّ الْمَاءَ عَلَى الْعَصِيرِ ثُمَّ يُطْبَخُ حَتَّى يَذْهَبَ ثُلُثَا كُلٍّ مِنْهُمَا لِأَنَّ الْمَاءَ يَذْهَبُ أَوَّلًا لِلَطَافَتِهِ أَوْ يَذْهَبُ مِنْهُمَا فَلَا يَكُونُ الذَّاهِبُ ثُلُثَيْ مَاءِ الْعِنَبِ (وَفِي الْحَدِّ بِالسُّكْرِ مِنْهَا) إلَى مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ (رِوَايَتَانِ وَالصَّحِيحُ وُجُوبُهُ) أَيْ وُجُوبُ الْحَدِّ لِأَنَّ الْفُسَّاقَ يَجْتَمِعُونَ عَلَيْهِ فِي زَمَانِنَا اجْتِمَاعَهُمْ عَلَى سَائِرِ الْأَشْرِبَةِ بَلْ فَوْقَ ذَلِكَ.
(وَوُقُوعُ طَلَاقٍ مِنْ سُكْرٍ مِنْهَا) أَيْ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ (تَابِعٌ لِلْحُرْمَةِ) فَمَنْ قَالَ إنَّهَا حَرَامٌ يَقَعُ طَلَاقُ مَنْ سَكِرَ مِنْهَا وَمَنْ قَالَ إنَّهَا حَلَالٌ لَا يَقَعُ طَلَاقُ مَنْ سَكِرَ مِنْهَا لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ النَّائِمِ وَذَهَابِ الْعَقْلِ بِالْبَنْجِ وَلَبَنِ الرِّمَاكِ (وَالْكُلُّ حَرَامٌ عِنْدَ مُحَمَّدٍ) وَعِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ (وَبِهِ) أَيْ بِقَوْلِ مُحَمَّدٍ (يُفْتَى) لِفَسَادِ الزَّمَانِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ مِثْلُ قَوْلِهِمَا وَعَنْهُ أَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ وَعَنْهُ أَنَّهُ تَوَقَّفَ فِيهِ (وَالْخِلَافُ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّيْخَيْنِ (إنَّمَا هُوَ عِنْدَ قَصْدِ التَّقَوِّي) بِشُرْبِهَا (أَمَّا عِنْدَ قَصْدِ التَّلَهِّي فَحَرَامٌ إجْمَاعًا) فَإِنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ بِالْإِجْمَاعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute