للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَحْنَثُ فِي لَا يَأْكُلُ (لَوْ أَكَلَ كَبِدًا أَوْ كَرِشًا) ؛ لِأَنَّ مَنْشَأَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مِنْ الدَّمِ، وَالِاخْتِصَاصُ بِاسْمِ آخَرَ لَا لِلنُّقْصَانِ كَالرَّأْسِ، وَالْكُرَاعِ قَالَ صَاحِبُ الْمُحِيطِ هَذَا فِي عُرْفِ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَفِي عُرْفِنَا لَا يَحْنَثُ فَلِذَا قَالَ (، وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِهِمَا) بِالْكَبِدِ، وَالْكَرِشِ (فِي عُرْفِنَا) وَفِي الِاخْتِيَارِ وَغَيْرِهِ الْكَرِشُ، وَالْكَبِدُ، وَالرِّئَةُ، وَالْفُؤَادُ، وَالرَّأْسُ، وَالْأَكَارِعُ، وَالْأَمْعَاءُ، وَالطِّحَالُ لَحْمٌ؛ لِأَنَّهَا تُبَاعُ مَعَ اللَّحْمِ، وَهَذَا فِي عُرْفِهِمْ وَأَمَّا فِي الْبِلَادِ الَّتِي لَا تُبَاعُ مَعَ اللَّحْمِ فَلَا يَحْنَثُ اعْتِبَارًا لِلْعُرْفِ فِي كُلِّ بَلْدَةٍ فِي كُلِّ زَمَانٍ فَيَكُونُ الِاخْتِلَافُ اخْتِلَافَ عَصْرٍ وَزَمَانٍ لَا اخْتِلَافَ حُجَّةٍ وَبُرْهَانٍ.

وَفِي الْفَتْحِ وَعَلَى الْمُفْتِي أَنْ يُفْتِيَ بِمَا هُوَ الْمُعْتَادُ فِي كُلِّ مِصْرٍ وَقَعَ فِيهِ الْحَلِفُ انْتَهَى فَإِذَا عَرَفْت هَذَا فَاعْلَمْ أَنَّ مَا فِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ حَلَفَ أَنْ لَا يَشْرَبَ الشَّرَابَ وَلَمْ يَنْوِ شَيْئًا كَانَتْ الْيَمِينُ عَلَى الْخَمْرِ قَالَ فِي عُرْفِنَا يَقَعُ الْيَمِينُ عَلَى كُلِّ مُسْكِرٍ مَحْمُولٍ عَلَى عُرْفِ بَلَدِهِ وَزَمَانِهِ؛ لِأَنَّ فِي عُرْفِنَا لَا يُطْلَقُ إلَّا عَلَى الْخَمْرِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْنَثَ فِي شُرْبِ غَيْرِهِ فَالْعَجَبُ أَنَّ بَعْضَ الْمُفْتِينَ فِي دِيَارِنَا أَفْتَوْا بِالْحِنْثِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي شُرْبِ الْمُسْكِرِ فَلَمْ أَطَّلِعْ عَلَى سَبَبِهِ تَأَمَّلْ فَإِنَّهُ مِنْ مَزَالِقِ الْأَقْدَامِ (كَمَا لَوْ أَكَلَ أَلْيَةً) بَعْدَمَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمًا فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ نَوْعٌ آخَرُ.

(وَفِي) حَلِفِهِ (لَا يَأْكُلُ شَحْمًا يَتَقَيَّدُ بِشَحْمِ الْبَطْنِ فَلَا يَحْنَثُ) عِنْدَ الْإِمَامِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ فِي الْأَصَحِّ (بِشَحْمِ الظَّهْرِ) ، وَهُوَ الَّذِي خَالَطَهُ لَحْمٌ (خِلَافًا لَهُمَا) فَإِنَّهُ يَحْنَثُ عِنْدَهُمَا بِشَحْمِ الظَّهْرِ أَيْضًا لِوُجُودِ خَاصِّيَّةِ الشَّحْمِ، وَهُوَ الذَّوْبُ بِالنَّارِ وَلَهُ أَنَّهُ لَحْمٌ حَقِيقَةً أَلَّا يُرَى أَنَّهُ يَنْشَأُ مِنْ الدَّمِ وَيُسْتَعْمَلُ اسْتِعْمَالَهُ وَتَحْصُلُ بِهِ قُوَّةٌ وَلِهَذَا يَحْنَثُ بِأَكْلِهِ فِي الْيَمِينِ عَلَى أَكْلِ اللَّحْمِ فَلَا يَحْنَثُ بِبَيْعِهِ فِي الْيَمِينِ عَلَى بَيْعِ الشَّحْمِ وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّهُ قَوْلُ مُحَمَّدٍ أَيْضًا وَقِيلَ هَذَا بِالْعَرَبِيَّةِ فَأَمَّا اسْمُ " يبه " بِالْفَارِسِيَّةِ لَا يَقَعُ عَلَى شَحْمِ الظَّهْرِ بِحَالٍ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَمَا فِي الْكَافِي مِنْ أَنَّ الشُّحُومَ أَرْبَعَةٌ شَحْمُ الْبَطْنِ وَشَحْمُ الظَّهْرِ وَشَحْمٌ مُخْتَلِطٌ بِالْعَظْمِ وَشَحْمٌ عَلَى ظَاهِرِ الْأَمْعَاءِ وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ يَحْنَثُ بِشَحْمِ الْبَطْنِ، وَالثَّلَاثَةُ عَلَى الْخِلَافِ لَا يَخْلُو مِنْ نَظَرٍ، بَلْ لَا يَنْبَغِي خِلَافٌ فِي عَدَمِ الْحِنْثِ بِمَا فِي الْعَظْمِ قَالَ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ إنَّ أَحَدًا لَمْ يَقُلْ بِأَنَّ مُخَّ الْعَظْمِ شَحْمٌ انْتَهَى وَكَذَا لَا يَنْبَغِي خِلَافٌ فِي الْحِنْثِ بِمَا فِي الْأَمْعَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ فِي تَسْمِيَتِهِ شَحْمًا كَمَا فِي الْفَتْحِ (وَلَوْ أَكَلَ أَلْيَةً أَوْ لَحْمًا) بَعْدَمَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ شَحْمًا (لَا يَحْنَثُ اتِّفَاقًا) لِمَا مَرَّ.

وَفِي الْخُلَاصَةِ لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمًا حَنِثَ بِأَكْلِ لَحْمِ الْإِبِلِ، وَالْغَنَمِ، وَالْبَقَرِ، وَالطُّيُورِ مَطْبُوخًا كَانَ أَوْ مَشْوِيًّا أَوْ قَدِيدًا كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْأَصْلِ فَهَذَا مِنْ مُحَمَّدٍ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِالْأَلْيَةِ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَعِنْدَ الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ يَحْنَثُ.

وَفِي الْخَانِيَّةِ لَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلُ لَحْمَ الْبَقَرِ فَأَكَلَ لَحْمَ الْجَامُوسِ أَوْ بِالْعَكْسِ حَنِثَ قَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَكُونُ حَانِثًا.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلَ لَحْمَ الْبَقَرِ فَأَكَلَ لَحْمَ الْجَامُوسِ حَنِثَ وَبِالْعَكْسِ لَا يَحْنَثُ، وَهَذَا أَصَحُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>