للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ الْأُولَى قَالَ مَوْلَانَا وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْنَثَ فِي الْفَصْلَيْنِ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ النَّاسَ يُفَرِّقُونَ بَيْنَهُمَا، وَهُوَ كَمَا لَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلَ لَحْمَ الشَّاةِ فَأَكَلَ لَحْمَ الْعَيْنِ سَوَاءٌ كَانَ الْحَالِفُ مِصْرِيًّا أَوْ قَرَوِيًّا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.

وَفِي الْمِنَحِ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذَا الْحِمَارِ يَقَعُ عَلَى كِرَائِهِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذَا الْكَلْبِ إنَّمَا يَقَعُ عَلَى صَيْدِهِ وَلَا يَقَعُ عَلَى لَحْمِهِ (وَفِي) حَلِفِهِ (لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ الْحِنْطَةِ يَتَقَيَّدُ بِأَكْلِهَا قَضْمًا بِفَتْحِ) الْقَافِ وَسُكُونِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ الْأَكْلُ بِأَطْرَافِ الْأَسْنَانِ (فَلَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ خُبْزِهَا) عِنْدَ الْإِمَامِ حَتَّى يَأْكُلَ عَيْنَهَا وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ (خِلَافًا لَهُمَا) أَيْ قَالَا كَمَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ عَيْنِهَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ خُبْزِهَا عَلَى الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّ أَكْلَ الْحِنْطَةِ مَجَازٌ عُرْفًا عَنْ أَكْلِ مَا يُتَّخَذُ مِنْهَا فَيَنْصَرِفُ إلَيْهِ إلَّا أَنَّهُ إذَا أَكَلَهَا قَضْمًا يَحْنَثُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ فِي مَعْنَاهَا حَقِيقَةً فَصَارَ كَمَا إذَا حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ فَدَخَلَهَا حَافِيًا أَوْ رَاكِبًا يَحْنَثُ وَإِنَّمَا قُلْنَا عَلَى الصَّحِيحِ احْتِرَازًا عَنْ رِوَايَةِ الْأَصْلِ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ عِنْدَهُمَا إذَا قَضَمَهَا وَلَهُ أَنَّ الْكَلَامَ إذَا كَانَ لَهُ حَقِيقَةٌ مُسْتَعْمَلَةٌ فَالْعَمَلُ بِهَا أَوْلَى مِنْ الْمَجَازِ الْمُتَعَارَفِ فَصَارَ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ الشَّاةِ فَأَكَلَ لَبَنَهَا لَا يَحْنَثُ هَذَا إذَا لَمْ يَنْوِ شَيْئًا وَإِنْ نَوَى أَنْ لَا يَأْكُلَ حَبًّا حَبًّا يَحْنَثُ بِأَكْلِهَا حَبًّا حَبًّا وَلَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ حَيِّزِهَا اتِّفَاقًا وَلَوْ أَكَلَ مِنْ زَرْعِ الْبُرِّ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ لَمْ يَحْنَثْ كَمَا فِي الْمُحِيطِ.

(وَفِي) حَلِفِهِ (لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذَا الدَّقِيقِ يَحْنَثُ) أَكَلَ (خُبْزَهُ) فَلَوْ أَكَلَ عَصِيدَتَهُ يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تُؤْكَلُ، كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ أَكْلَ الدَّقِيقِ هَكَذَا يَكُونُ عِنْدَ الْعُقَلَاءِ فَيَنْصَرِفُ إلَى مَا هُوَ الْمُعْتَادُ بَيْنَهُمْ كَمَا فِي الْمُحِيطِ، وَالْإِفْرَادُ بِذِكْرِ الْخُبْزِ مِنْ الْمُصَنِّفِ لَيْسَ لِنَفْيِ مَا يُتَّخَذُ مِنْهُ، بَلْ لِكَوْنِهِ كَثِيرَ الِاسْتِعْمَالِ أَوْرَدَهُ عَلَى سَبِيلِ التَّمْثِيلِ غَايَتُهُ أَنَّهُ صَرَّحَ بِالْخُبْزِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْأَصْلُ، وَالْغَيْرُ تَبَعٌ لَهُ يُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ مُتَّصِلًا بِهِ (لَا بِسَفِّهِ) أَيْ لَا يَحْنَثُ بِسَفِّ عَيْنِ الدَّقِيقِ؛ لِأَنَّ عَيْنَهُ غَيْرُ مَأْكُولٍ بِخِلَافِ الْحِنْطَةِ فَانْصَرَفَ إلَى مَا يُتَّخَذُ مِنْهُ لِتَعَيُّنِ الْمَجَازِ مُرَادًا كَمَا لَوْ أَكَلَ عَيْنَ النُّخَالَةِ كَمَا مَرَّ (فِي الصَّحِيحِ) احْتِرَازٌ عَنْ قَوْلِ بَعْضِ الْمَشَايِخِ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِالسَّفِّ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ؛ لِأَنَّهُ أَكَلَ الدَّقِيقَ حَقِيقَةً، وَالْعُرْفُ وَإِنْ اُعْتُبِرَ فَالْحَقِيقَةُ لَا تَسْقُطُ بِهِ وَإِنْ عَنَى أَكْلَ الدَّقِيقِ بِعَيْنِهِ لَمْ يَخْنَثْ بِأَكْلِ الْخُبْزِ؛ لِأَنَّهُ نَوَى حَقِيقَةَ كَلَامِهِ (وَالْخُبْزُ) (يَقَعُ عَلَى مَا اعْتَادَهُ أَهْلُ مِصْرِهِ) أَيْ مِصْرِ الْحَالِف إلَّا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ فَإِنَّهُ أَيُّ خُبْزٍ كَانَ يَحْنَثُ بِأَكْلِهِ (كَخُبْزِ الْبُرِّ، وَالشَّعِيرِ) فَإِذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ خُبْزًا حَنِثَ بِأَكْلِ خُبْزِ الْبُرِّ، وَالشَّعِيرِ بِبِلَادٍ يُعْتَادُ فَلَوْ كَانَ بِمَوْضِعٍ لَا يُعْتَادُ فِيهِ خُبْزُ الشَّعِيرِ مَثَلًا لَمْ يَحْنَثْ بِأَكْلِهِ كَمَا فِي الْبَحْرِ (فَلَا يَحْنَثُ بِخُبْزِ الْقَطَائِفِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى خُبْزًا مُطْلَقًا (أَوْ خُبْزِ الْأُرْزِ بِالْعِرَاقِ) ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَادٍ عِنْدَهُمْ حَتَّى لَوْ كَانَ فِي بَلَدٍ يَعْتَادُ ذَلِكَ كَطَبَرِسْتَانَ حَنِثَ وَيَحْنَثُ الْحِجَازِيُّ، وَالْيَمَنِيُّ بِخُبْزِ الذَّرَّةِ؛ لِأَنَّهُمْ يَعْتَادُونَهُ (إلَّا إذَا نَوَاهُ) فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَحْنَثُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُهُ.

وَفِي الْبَحْرِ وَدَخَلَ فِي الْخُبْزِ الْكَمَاجُ وَلَا يَحْنَثُ بِالثَّرِيدِ.

وَفِي الْخُلَاصَةِ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذَا الْخُبْزِ فَأَكَلَهُ بَعْدَمَا تَفَتَّتَ لَا يَحْنَثُ

<<  <  ج: ص:  >  >>