للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنْهُ الرَّدُّ إلَى مَوْلَاهُ، وَلَوْ كَانَ مُكَاتَبًا وَمِنْهُ إذَا سَرَقَ مِنْ الْعِيَالِ رَدَّ إلَى مَنْ يَعُولُهُمْ كَمَا فِي الْبَحْرِ.

(وَكَذَا) لَا تُقْطَعُ (لَوْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ مِنْ النِّصَابِ قَبْلَ الْقَطْعِ) بَعْدَ الْقَضَاءِ.

وَعَنْ مُحَمَّدٍ تُقْطَعُ، وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ، وَالْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ اعْتِبَارًا بِالنُّقْصَانِ فِي الْعَيْنِ وَلَنَا وَإِنَّ كَمَالَ النِّصَابِ لَمَّا كَانَ شَرْطًا يُشْتَرَطُ قِيَامُهُ عِنْدَ الْإِمْضَاءِ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا تَغَيَّرَ السِّعْرُ فِي بَلَدٍ، أَوْ بَلَدَيْنِ حَتَّى إذَا سَرَقَ مَا قِيمَتُهُ نِصَابٌ فِي بَلَدٍ وَأَخَذَ فِي آخَرَ فِيهِ الْقِيمَةُ أَنْقَصُ لَمْ تُقْطَعْ وَقَيَّدَ بِنُقْصَانِ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ لَوْ نَقَصَتْ فَإِنَّهُ تُقْطَعُ؛ لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ فَكَمَّلَ النِّصَابَ عَيْنًا، أَوْ دَيْنًا كَمَا إذَا اسْتَهْلَكَهُ كُلَّهُ أَمَّا بِنُقْصَانِ السِّعْرِ فَغَيْرُ مَضْمُونٍ فَافْتَرَقَا كَمَا فِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ (أَوْ مَلَكَهُ) أَيْ السَّارِقُ الْمَسْرُوقَ (بَعْدَ الْقَضَاءِ) بِهِبَةٍ مَعَ الْقَبْضِ، أَوْ بَيْعٍ.

وَقَالَ زُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ تُقْطَعُ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّ السَّرِقَةَ السَّابِقَةَ، وَالْحُكْمُ بِمُوجِبِهَا لَا يَبْطُلُ بِالْمِلْكِ الْحَادِثِ بَعْدَهُ وَلَنَا أَنَّ الْإِمْضَاءَ فِي بَابِ الْحُدُودِ مِنْ الْقَضَاءِ فَإِذَا مَلَكَهُ بَعْدَ الْقَضَاءِ قَبْلَ الْإِمْضَاءِ سَقَطَ الْقَطْعُ كَمَا لَوْ مَلَكَهُ قَبْلَ الْقَضَاءِ وَقَوْلُهُ بَعْدَ الْقَضَاءِ قَيْدٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ.

(أَوْ ادَّعَى) السَّارِقُ (أَنَّهُ) أَيْ الْمَسْرُوقَ (مِلْكُهُ) أَيْ: مِلْكُ السَّارِقِ بَعْدَمَا ثَبَتَتْ السَّرِقَةُ بِالْبَيِّنَةِ فَلَا قَطْعَ عِنْدَنَا.

(وَإِنْ) وَصْلِيَّةٌ (لَمْ يَثْبُتْ) ؛ لِأَنَّ الشُّبْهَةَ دَارِئَةٌ لِلْحَدِّ فَتُحَقَّقُ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى بِدَلِيلِ صِحَّةِ الرُّجُوعِ بَعْدَ الْإِقْرَارِ إجْمَاعًا وَمِثْلُ هَذَا يُسَمَّى اللِّصَّ الظَّرِيفَ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَسْقُطُ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى، وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ؛ لِأَنَّ سُقُوطَ الْقَطْعِ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ يُؤَدِّي إلَى سَدِّ بَابِ الْحَدِّ وَلَا يَعْجِزُ السَّارِقُ عَنْ هَذَا وَنُقِلَ عَنْهُ أَنَّهُ لَا تُقْطَعُ وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ.

(وَكَذَا لَوْ ادَّعَاهُ أَحَدُ السَّارِقِينَ) يَعْنِي إذَا كَانَ السَّارِقُ اثْنَيْنِ فَادَّعَى أَحَدُهُمَا الْمِلْكَ لَمْ يُقْطَعَا، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ سَوَاءٌ قَبْلَ الْقَضَاءِ أَوْ بَعْدَهُ قَبْلَ الْإِمْضَاءِ؛ لِأَنَّ الرُّجُوعَ عَامِلٌ فِي حَقِّ الرَّاجِعِ وَمُورِثٌ لِلشُّبْهَةِ فِي حَقِّ الْآخَرِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ سَرَقْت أَنَا وَفُلَانٌ كَذَا فَأَنْكَرَ فُلَانٌ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ الْمُقِرُّ لِعَدَمِ الشَّرِكَةِ بِتَكْذِيبِهِ.

(وَلَوْ سَرَقَا وَغَابَ أَحَدُهُمَا وَشُهِدَ) عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ: شَهِدَ اثْنَانِ (عَلَى سَرِقَتِهِمَا قُطِعَ الْآخَرُ) أَيْ: الْحَاضِرُ وَكَانَ الْإِمَامُ يَقُولُ أَوَّلًا لَا تُقْطَعُ، ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ تُقْطَعُ، وَهُوَ قَوْلُهُمَا؛ لِأَنَّ السَّرِقَةَ إذَا لَمْ تَثْبُتْ عَلَى الْغَائِبِ كَانَ أَجْنَبِيًّا وَبِدَعْوَى الْأَجْنَبِيِّ لَا تَثْبُتُ الشُّبْهَةُ؛ وَلِأَنَّ احْتِمَالَ دَعْوَى الشُّبْهَةِ مِنْ الْغَائِبِ شُبْهَةُ الشُّبْهَةِ فَلَا تُعْتَبَرُ.

(وَلَوْ أَقَرَّ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ بِسَرِقَةٍ قُطِعَ وَرُدَّتْ) إلَى الْمَسْرُوقِ مِنْهُ (وَكَذَا الْمَحْجُورُ عِنْدَ الْإِمَامِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يُقْطَعُ وَلَا تُرَدُّ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يُقْطَعُ وَلَا تُرَدُّ) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى وُجُوهٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ مَأْذُونًا أَوْ مَحْجُورًا، وَالْمَالُ قَائِمٌ فِي يَدِهِ، أَوْ هَالِكٌ، وَالْمَوْلَى مُصَدِّقٌ، أَوْ مُكَذِّبٌ، فَإِنْ كَانَ مَأْذُونًا يَصِحُّ إقْرَارُهُ فِي حَقِّ الْقَطْعِ الْمَالِ فَتُقْطَعُ يَدُهُ وَيُرَدُّ الْمَالُ عَلَى الْمَسْرُوقِ مِنْهُ إنْ كَانَ قَائِمًا، وَإِنْ كَانَ هَالِكًا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ صَدَّقَهُ مَوْلَاهُ، أَوْ كَذَّبَهُ، وَإِنْ كَانَ مَحْجُورًا

<<  <  ج: ص:  >  >>