للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ إنْ لَمْ يُحْضِرْ الْكَفِيلُ الْمَكْفُولَ بِهِ بَعْدَ الطَّلَبِ بِغَيْرِ عَجْزٍ (حُبِسَ) عَلَى صِيغَةِ الْمَبْنِيِّ لِلْمَفْعُولِ أَيْ حَبَسَهُ الْحَاكِمُ لِامْتِنَاعِهِ عَنْ إيفَاءِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ، وَلَكِنْ لَا يَحْبِسُهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ حَتَّى يَظْهَرَ مَطْلُهُ، لِأَنَّهُ جَزَاءُ الظُّلْمِ وَهُوَ لَيْسَ بِظَالِمٍ قَبْلَ الْمَطْلِ هَذَا إذَا أَقَرَّ بِالْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ أَمَّا إذَا أَنْكَرَهَا، وَثَبَتَتْ بِالْبَيِّنَةِ عِنْدَ الْحَاكِمِ فَيَحْبِسُهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، قَالَ الْخَصَّافُ لَا يَحْبِسُهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلَوْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ وَقَيَّدْنَا بِغَيْرِ عَجْزٍ لِأَنَّهُ إنْ عَجَزَ فَلَا حَبْسَ بَلْ يُلَازِمُهُ الطَّالِبُ.

(وَإِنْ عَيَّنَ) أَيْ الْكَفِيلُ (وَقْتَ تَسْلِيمِهِ) أَيْ الْمَكْفُولِ بِهِ (لَزِمَهُ) أَيْ الْكَفِيلَ (ذَلِكَ) أَيْ إحْضَارُ الْمَكْفُولِ بِهِ (فِيهِ) أَيْ فِي الْوَقْتِ الَّذِي عَيَّنَهُ (إذَا طَالَبَهُ) الْمَكْفُولُ لَهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَوْ بَعْدَهُ لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ كَذَلِكَ (فَإِنْ سَلَّمَهُ) إلَيْهِ (قَبْلَ) مَجِيءِ (ذَلِكَ) الْوَقْتِ (بَرِئَ) الْكَفِيلُ، وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْهُ الْمَكْفُولُ لَهُ لِأَنَّهُ مَا الْتَزَمَ تَسْلِيمَهُ إلَّا مَرَّةً وَقَدْ أَتَى بِهِ.

وَفِي الْمِنَحِ إذَا كَفَلَ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ كَانَ كَفِيلًا بَعْدَ الثَّلَاثَةِ، وَلَا يُطَالَبُ فِي الْحَالِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَبِهِ يُفْتَى، وَإِذَا قَالَ: أَنَا كَفِيلٌ بِنَفْسِ فُلَانٍ مِنْ الْيَوْمِ إلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ صَارَ كَفِيلًا فِي الْحَالِ فَإِذَا مَضَتْ الْعَشَرَةُ خَرَجَ عَنْهَا.

وَلَوْ قَالَ: أَنَا كَفِيلٌ بِنَفْسِهِ إلَى عَشَرَةٍ فَإِذَا مَضَتْ الْعَشَرَةُ فَأَنَا بَرِيءٌ، قَالَ ابْنُ الْفَضْلِ لَا مُطَالَبَةَ عَلَيْهِ بِهَا لَا فِيهَا وَلَا بَعْدَهَا.

وَقَالَ أَبُو اللَّيْثِ: الْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِيرُ كَفِيلًا.

وَهَذَا حِيلَةٌ لِمَنْ يُلْتَمَسُ مِنْهُ الْكَفَالَةُ وَلَا يُرِيدُ أَنْ يَصِيرَ كَفِيلًا.

وَفِي الْوَاقِعَاتِ: الْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ يَصِيرُ كَفِيلًا كَمَا فِي الْبَحْرِ (فَإِنْ غَابَ الْمَكْفُولُ بِهِ وَعَلِمَ مَكَانَهُ أَمْهَلَهُ الْحَاكِمُ مُدَّةَ ذَهَابِهِ، وَإِيَابِهِ) وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا أَرَادَ الْكَفِيلُ السَّفَرَ إلَيْهِ، فَإِنْ أَبَى حَبَسَهُ لِلْحَالِ مِنْ غَيْرِ إمْهَالٍ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ (فَإِنْ مَضَتْ) الْمُدَّةُ (وَلَمْ يُحْضِرْهُ) مَعَ إمْكَانِ الْإِحْضَارِ (حَبَسَهُ) الْحَاكِمُ لِمَا ذَكَرْنَاهُ.

(وَإِنْ غَابَ) الْمَكْفُولُ بِهِ (وَلَمْ يَعْلَمْ مَكَانَهُ لَا يُطَالَبُ بِهِ) لِأَنَّهُ عَاجِزٌ فَعَلَى هَذَا الْتَجَأَ إلَى بَابِ الْجَائِرِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُطَالَبَ بِهِ لِتَحَقُّقِ الْعَجْزِ كَمَا فِي الزَّاهِدِيِّ.

وَفِي الْبَحْرِ وَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ أَنَّهُ غَائِبٌ لَمْ يَعْلَمْ مَكَانَهُ إمَّا بِتَصْدِيقِ الطَّالِبِ أَوْ بِبَيِّنَةٍ فَإِنْ اخْتَلَفَا وَلَا بَيِّنَةَ، فَقَالَ الْكَفِيلُ: لَا أَعْرِفُ مَكَانَهُ، وَقَالَ الطَّالِبُ: تَعْرِفُهُ فَإِنْ كَانَ لَهُ خَرْجَةٌ مَعْلُومَةٌ لِلتِّجَارَةِ فِي كُلِّ وَقْتٍ فَالْقَوْلُ لِلطَّالِبِ وَيُؤْمَرُ الْكَفِيلُ بِالذَّهَابِ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضُوعِ، وَإِلَّا فَالْقَوْلُ لِلْكَفِيلِ لِتَمَسُّكِهِ بِالْأَصْلِ وَهُوَ الْجَهْلُ.

وَلَوْ عُلِمَ أَنَّ الْمَكْفُولَ بِهِ أُرِيدَ وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ يُؤَجَّلُ الْكَفِيلُ وَلَا تَبْطُلُ بِاللَّحَاقِ بِدَارِ الْحَرْبِ، وَقَيَّدَهُ فِي الذَّخِيرَةِ بِمَا إذَا كَانَ الْكَفِيلُ قَادِرًا عَلَى رَدِّهِ بِأَنْ كَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ مُوَاعَدَةٌ أَنَّهُمْ يَرُدُّونَ إلَيْنَا الْمُرْتَدَّ، وَإِلَّا لَا يُؤَاخَذُ بِهِ، ثُمَّ كُلُّ مَوْضِعٍ قُلْنَا: إنَّهُ يُؤْمَرُ بِالذَّهَابِ إلَيْهِ لِلطَّالِبِ أَنْ يَسْتَوْثِقَ بِكَفِيلٍ مِنْ الْكَفِيلِ حَتَّى لَا يَغِيبَ الْآخَرُ.

(وَتَبْطُلُ) الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ (بِمَوْتِ الْكَفِيلِ) لِحُصُولِ الْعَجْزِ الْكُلِّيِّ عَنْ التَّسْلِيمِ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَوَارِثُهُ لَا يَقُومُ مَقَامَهُ لِأَنَّ الْخَلِيفَةَ فِيمَا لَهُ لَا فِيمَا عَلَيْهِ، بِخِلَافِ الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>