لَكِنْ فِي السِّرَاجِ نَقْلًا عَنْ الْكَرْخِيِّ لَا تَبْطُلُ بِمَوْتِ الْكَفِيلِ وَيُطَالَبُ وَرَثَتُهُ بِإِحْضَارِهِ (وَ) تَبْطُلُ بِمَوْتِ (الْمَكْفُولِ بِهِ) لِامْتِنَاعِ التَّسْلِيمِ.
(وَلَوْ) كَانَ الْمَكْفُولُ بِهِ (عَبْدًا) إنَّمَا قَالَ هَذَا لِتَوَهُّمِ أَنَّ الْعَبْدَ مَالٌ مُطَالَبٌ بِهِ وَكَفَلَ بِنَفْسِهِ رَجُلٌ أَمَّا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ نَفْسَ الْعَبْدِ لَا يَبْرَأُ وَضَمِنَ قِيمَتَهُ (دُونَ مَوْتِ الْمَكْفُولِ لَهُ بَلْ يُطَالِبُ وَارِثُهُ أَوْ وَصِيُّهُ الْكَفِيلَ) أَيْ إذَا مَاتَ الْمَكْفُولُ لَهُ لَمْ تَبْطُلْ، وَيُسَلِّمُهُ الْكَفِيلُ إلَى وَرَثَتِهِ فَإِنْ سَلَّمَهُ إلَى بَعْضِهِمْ بَرِئَ مِنْهُمْ خَاصَّةً، وَلِلْبَاقِينَ مُطَالَبَتُهُ بِإِحْضَارِهِ فَإِنْ كَانُوا صِغَارًا، فَلِوَصِيِّهِمْ مُطَالَبَتُهُ، فَإِنْ سَلَّمَهُ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ بَرِئَ فِي حَقِّهِ، وَلِلْآخَرِ مُطَالَبَتُهُ.
وَفِي مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ أَنَّهَا تَبْطُلُ بِمَوْتِ الطَّالِبِ، وَالْمَعْرُوفُ فِي الْمَذْهَبِ خِلَافُهُ كَمَا فِي الْبَحْرِ.
(وَيَبْرَأُ) الْكَفِيلُ بِالنَّفْسِ (إذَا سَلَّمَهُ) أَيْ سَلَّمَ الْمَكْفُولَ بِهِ إلَى الْمَكْفُولِ لَهُ (حَيْثُ تُمْكِنُ مُخَاصَمَتُهُ) كَمَا إذَا سَلَّمَهُ فِي مِصْرَ، سَوَاءٌ قَبِلَهُ الطَّالِبُ أَوْ لَا.
(وَإِنْ) وَصْلِيَّةٌ (لَمْ يَقُلْ: إذَا دَفَعْته إلَيْك فَأَنَا بَرِيءٌ) لِأَنَّ مُوجَبَ الدَّفْعِ إلَيْهِ الْبَرَاءَةُ فَتَثْبُتُ وَإِنْ لَمْ يَنُصَّ، عَلَيْهَا كَالْمَدْيُونِ إذَا سَلَّمَ الدَّيْنَ، وَإِطْلَاقُهُ شَامِلٌ مَا إذَا قَالَ: سَلَّمْته إلَيْك بِجِهَةِ الْكَفَالَةِ أَوْ لَا إنْ طَلَبَهُ مِنْهُ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَطْلُبْهُ مِنْهُ فَلَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ (وَ) يَبْرَأُ (بِتَسْلِيمِ وَكِيلِ الْكَفِيلِ أَوْ رَسُولِهِ) لِقِيَامِهِمَا مَقَامَهُ (وَبِتَسْلِيمِ الْمَكْفُولِ بِهِ نَفْسَهُ مِنْ كَفَالَتِهِ) هَذَا قَيْدٌ فِي الْجَمِيعِ يَعْنِي لَا يَبْرَأُ الْكَفِيلُ حَتَّى يَقُولَ لَهُ الْمَكْفُولُ: سَلَّمْتُ نَفْسِي إلَيْك مِنْ الْكَفَالَةِ، وَالْوَكِيلُ وَالرَّسُولُ كَالْمَكْفُولِ لَا بُدَّ مِنْ التَّسْلِيمِ عَنْهَا، وَإِلَّا لَا يَبْرَأُ كَمَا فِي الْمِنَحِ فَعَلَى هَذَا ظَهَرَ ضَعْفُ مَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِتَسْلِيمِ الْمَكْفُولِ بِهِ نَفْسَهُ، تَدَبَّرْ.
هَذَا إذَا كَانَ بِغَيْرِ طَلَبٍ أَمَّا إذَا كَانَ بَعْدَ طَلَبِهِ فَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَقُولَ: سَلَّمْته بِحُكْمِ الْكَفَالَةِ كَمَا مَرَّ آنِفًا فَيَنْبَغِي لِصَاحِبِ الْمِنَحِ التَّفْصِيلُ، تَأَمَّلْ.
قَيَّدَ بِالْوَكِيلِ وَالرَّسُولِ لِأَنَّهُ لَوْ سَلَّمَهُ أَجْنَبِيٌّ بِغَيْرِ أَمْرِ الْكَفِيلِ، وَقَالَ: سَلَّمْتُ إلَيْك عَنْ الْكَفِيلِ، فَإِنْ قَبِلَ الطَّالِبُ بَرِئَ الْكَفِيلُ، وَإِنْ سَكَتَ لَا (فَإِنْ شَرَطَ تَسْلِيمَهُ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي فَسَلَّمَهُ فِي السُّوقِ) أَيْ فِي سُوقِ الْمِصْرِ (قَالُوا: يَبْرَأُ) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِنُصْرَةِ أَعْوَانِ الْحَاكِمِ (وَالْمُخْتَارُ فِي زَمَانِنَا أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ) سَوَاءٌ كَانَ فِي سُوقِ ذَلِكَ الْمِصْرِ أَوْ فِي سُوقِ مِصْرٍ آخَرَ، وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ، وَبِهِ يُفْتَى فِي زَمَانِنَا لِتَهَاوُنِ النَّاسِ فِي إقَامَةِ الْحَقِّ، وَلِمُعَاوَنَةِ الْفَسَقَةِ عَلَى الْخَلَاصِ مِنْهُ وَالْفِرَارِ، فَالتَّقْلِيدُ بِمَجْلِسِ الْقَاضِي مُفِيدٌ، وَهَذِهِ إحْدَى الْمَسَائِلِ الَّتِي يُفْتَى بِقَوْلِ زُفَرَ.
(وَإِنْ سَلَّمَهُ فِي مِصْرٍ آخَرَ لَا يَبْرَأُ عِنْدَهُمَا) لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ شُهُودُهُ فِيمَا عَيَّنَهُ، أَوْ يَعْرِفُ ذَلِكَ الْقَاضِي حَادِثَتَهُ فَلَا يَبْرَأُ بِالتَّسْلِيمِ فِي مِصْرٍ آخَرَ (وَيَبْرَأُ عِنْدَ الْإِمَامِ) إنْ كَانَ فِيهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute