يَعْنِي: أَنَّهُ يَسْمَعُ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ يَعْنِي:
يُصَدِّقُ بِاللَّهِ وَيُصَدِّقُ الْمُؤْمِنِينَ. وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ عَسَاكِرَ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ عمر بْنِ سَعْدٍ قَالَ: فِيَّ أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ وَذَلِكَ أَنَّ عُمَيْرَ بْنَ سَعْدٍ كَانَ يَسْمَعُ أَحَادِيثَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، فَيَأْتِي النبي صلّى الله عليه وَسَلَّمَ فَيُسَارُّهُ، حَتَّى كَانُوا يَتَأَذَّوْنَ بِعُمَيْرِ بْنِ سعد، وكرهوا مجالسته، وقالوا: هُوَ أُذُنٌ فأنزلت فِيهِ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: ذُكِرَ لَنَا أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْمُنَافِقِينَ قَالَ: وَاللَّهِ إِنَّ هَؤُلَاءِ لَخِيَارُنَا وَأَشْرَافُنَا، وَلَئِنْ كَانَ مَا يَقُولُ مُحَمَّدٌ حَقًّا لَهُمْ شَرٌّ مِنَ الْحَمِيرِ، فَسَمِعَهَا رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ: وَاللَّهِ إِنَّ مَا يَقُولُ مُحَمَّدٌ لَحَقٌّ، وَلَأَنْتَ شَرٌّ مِنَ الْحِمَارِ، فَسَعَى بِهَا الرَّجُلُ إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ، فَأَرْسَلَ إِلَى الرَّجُلِ فَدَعَاهُ فَقَالَ: مَا حَمَلَكَ عَلَى الَّذِي قُلْتَ؟ فَجَعَلَ يَلْتَعِنُ، وَيَحْلِفُ بِاللَّهِ مَا قَالَ ذَلِكَ، وَجَعَلَ الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ يَقُولُ: اللَّهُمَّ صَدِّقِ الصَّادِقَ، وَكَذِّبِ الْكَاذِبَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي ذَلِكَ: يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ الْآيَةَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ السُّدِّيِّ مِثْلَهُ، وَسَمَّى الرَّجُلَ الْمُسْلِمَ عَامِرَ بْنَ قَيْسٍ مِنَ الْأَنْصَارِ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنِ الضَّحَّاكِ أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَقُولُ: يُعَادِي اللَّهَ وَرَسُولَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: يَحْذَرُ الْمُنافِقُونَ الْآيَةَ قَالَ:
يَقُولُونَ الْقَوْلَ فِيمَا بَيْنَهُمْ، ثُمَّ يَقُولُونَ عَسَى اللَّهُ أَنْ لَا يُفْشِيَ عَلَيْنَا هَذَا. وَأَخْرَجَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ عن شريح ابن عُبَيْدٍ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِأَبِي الدَّرْدَاءِ: يَا مَعْشَرَ الْقُرَّاءِ! مَا بَالُكُمْ أَجْبَنُ مِنَّا وَأَبْخَلُ إِذَا سُئِلْتُمْ، وَأَعْظَمُ لَقْمًا إِذَا أَكَلْتُمْ؟ فَأَعْرَضَ عَنْهُ أَبُو الدَّرْدَاءِ، وَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ، فَأَخْبَرَ بِذَلِكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَانْطَلَقَ عُمَرُ إلى الرّجل الذي قال ذلك، فأخذه بِثَوْبِهِ وَخَنَقَهُ وَقَادَهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ الرَّجُلُ: إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّما كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابن عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ فِي مَجْلِسٍ يَوْمًا:
مَا رَأَيْنَا مِثْلَ قُرَّائِنَا هَؤُلَاءِ، لَا أَرْغَبَ بُطُونًا، وَلَا أَكْذَبَ أَلْسِنَةً، وَلَا أَجْبَنَ عِنْدَ اللِّقَاءِ، فَقَالَ رَجُلٌ فِي الْمَجْلِسِ: كَذَبْتَ وَلَكِنَّكَ مُنَافِقٌ، لَأُخْبِرَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَزَلَ الْقُرْآنُ.
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَأَنَا رَأَيْتُهُ مُتَعَلِّقًا بِحَقَبِ نَاقَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ وَالْحِجَارَةُ تَنْكُبُهُ وَهُوَ يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى الله عليه وسلّم يقول: أَبِاللَّهِ وَآياتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِؤُنَ. وأخرجه ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالْعُقَيْلِيُّ فِي الضُّعَفَاءِ، وَأَبُو الشَّيْخِ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَالْخَطِيبُ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، فَقَالَ: رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ وَهُوَ يَشْتَدُّ قُدَّامَ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ وَالْأَحْجَارُ تَنْكُبُهُ وَهُوَ يَقُولُ: يَا مُحَمَّدُ! إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلّم يقول: أَبِاللَّهِ وَآياتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِؤُنَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتَادَةَ فِي الْآيَةِ قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوِهِ إِلَى تَبُوكَ وَبَيْنَ يَدَيْهِ أُنَاسٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ، فَقَالُوا: أَيَرْجُو هَذَا الرَّجُلُ أَنْ تُفْتَحَ لَهُ قُصُورُ الشَّامِ وَحُصُونُهَا؟ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ، فَأَطْلَعَ اللَّهُ نَبِيَّهُ عَلَى ذَلِكَ، فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ: احْبِسُوا عَلَيَّ هَؤُلَاءِ الرَّكْبَ، فَأَتَاهُمْ فَقَالَ: قُلْتُمْ: كَذَا، قَالُوا:
يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ مَا تَسْمَعُونَ. وَقَدْ رُوِيَ نَحْوُ هَذَا مِنْ طُرُقٍ عن جماعة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute