للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَاءَ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا جَاءَتِ الْمَلَائِكَةُ إِلَى إِبْرَاهِيمَ قَالُوا لِإِبْرَاهِيمَ: إِنْ كَانَ فِيهَا خَمْسَةٌ يُصَلُّونَ رُفِعَ عَنْهُمُ الْعَذَابُ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ: الْأَوَّاهُ:

الرَّحِيمُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الْمُنِيبُ: الْمُقْبِلُ إِلَى طَاعَةَ اللَّهِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ قَتَادَةَ قال: المنيب: المخلص.

[سورة هود (١١) : الآيات ٧٧ الى ٨٣]

وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ (٧٧) وَجاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ قالَ يَا قَوْمِ هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ (٧٨) قالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ (٧٩) قالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ (٨٠) قالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُها مَا أَصابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ (٨١)

فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا جَعَلْنا عالِيَها سافِلَها وَأَمْطَرْنا عَلَيْها حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ (٨٢) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ (٨٣)

لَمَّا خَرَجَتِ الْمَلَائِكَةُ مِنْ عِنْدِ إِبْرَاهِيمَ، وَكَانَ بَيْنَ إِبْرَاهِيمَ وَقَرْيَةِ لُوطٍ أَرْبَعَةُ فَرَاسِخَ، جَاءُوا إِلَى لُوطٍ، فَلَمَّا رَآهُمْ لُوطٌ، وَكَانُوا فِي صُورَةِ غِلْمَانٍ حِسَانٍ مُرْدٍ سِيءَ بِهِمْ أَيْ: سَاءَهُ مَجِيئُهُمْ، يُقَالُ: سَاءَهُ يسوءه، وأصل سيئ بِهِمْ: سُوِئَ بِهِمْ، نُقِلَتْ حَرَكَةُ الْوَاوِ إِلَى السِّينِ فَقُلِبَتِ الْوَاوُ يَاءً، وَلَمَّا خُفِّفَتِ الْهَمْزَةُ أُلْقِيَتْ حَرَكَتُهَا عَلَى الْيَاءِ. وَقَرَأَ نَافِعٌ، وَابْنُ عَامِرٍ، وَالْكِسَائِيُّ، وَأَبُو عَمْرٍو بِإِشْمَامِ السِّينِ الضَّمَّ وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: الذَّرْعُ يُوضَعُ مَوْضِعَ الطَّاقَةِ، وَأَصْلُهُ أَنَّ الْبَعِيرَ يَذْرَعُ بِيَدِهِ فِي سَيْرِهِ عَلَى قَدْرِ سِعَةِ خَطْوِهِ: أَيْ:

يَبْسُطُهَا، فَإِذَا حُمِلَ عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ طَاقَتِهِ ضَاقَ ذَرْعُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَجُعِلَ ضِيقُ الذَّرْعِ كِنَايَةً عَنْ قِلَّةِ الْوُسْعِ وَالطَّاقَةِ وَشِدَّةِ الْأَمْرِ وقيل: هو من: ذرعه القيء: إذا غلب وَضَاقَ عَنْ حَبْسِهِ. وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ ضَاقَ صَدْرُهُ لَمَّا رَأَى الْمَلَائِكَةَ فِي تِلْكَ الصُّورَةِ خَوْفًا عَلَيْهِمْ مِنْ قَوْمِهِ لِمَا يَعْلَمُ مِنْ فِسْقِهِمْ وَارْتِكَابِهِمْ لِفَاحِشَةِ اللِّوَاطِ وَقالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ أي: شديد. قال الشاعر:

وإنّك إلّا تَرْضَ بَكْرَ بْنَ وَائِلٍ ... يَكُنْ لَكَ يَوْمٌ بالعراق عصيب

يقال: عصيب وعصبصب وَعَصَوْصَبٌ عَلَى التَّكْثِيرِ: أَيْ يَوْمٌ مَكْرُوهٌ يَجْتَمِعُ فِيهِ الشَّرُّ، وَمِنْهُ قِيلَ عُصْبَةٌ وَعِصَابَةٌ: أَيْ مُجْتَمِعُو الْكَلِمَةِ، وَرَجُلٌ مَعْصُوبٌ: أَيْ مُجْتَمِعُ الْخَلْقِ وَجاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ أَيْ:

جَاءُوا لُوطًا، الْجُمْلَةُ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ. وَمَعْنَى يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ: يُسْرِعُونَ إِلَيْهِ. قَالَ الْكِسَائِيُّ وَالْفَرَّاءُ وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ: لَا يَكُونُ الْإِهْرَاعُ إلا إسراع مَعَ رِعْدَةٍ، يُقَالُ أَهْرَعَ الرَّجُلُ إِهْرَاعًا: أَيْ أَسْرَعَ فِي رِعْدَةٍ مِنْ بَرْدٍ أَوْ غَضَبٍ أو حمى، قال مهلهل:

فجاؤوا يهرعون وهم أسارى ... نقودهم عَلَى رَغْمِ الْأُنُوفِ

<<  <  ج: ص:  >  >>