للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ فَقَالَ: ادْعُوا لِي عُمَرَ، فَدُعِيَ لَهُ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَنْزَلَ عَلِيَّ مَا كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى الْآيَةَ» ، وَفِي إِسْنَادِهِ ابْنُ لَهِيعَةَ، وَفِيهِ مَقَالٌ مَعْرُوفٌ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي الْمُصَنَّفِ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَدْرٍ حَتَّى إِذَا كَانَ بِالرَّوْحَاءِ خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ: كَيْفَ تَرَوْنَ؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! بَلَغَنَا أَنَّهُمْ كَذَا وَكَذَا ثُمَّ خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ: كَيْفَ تَرَوْنَ؟ فَقَالَ عُمَرُ مِثْلَ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ، ثُمَّ خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ:

كَيْفَ تَرَوْنَ؟ فَقَالَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِيَّانَا تُرِيدُ؟ فو الذي أَكْرَمَكَ وَأَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مَا سَلَكْتَهَا قَطُّ، وَلَا لِي بِهَا عِلْمٌ، وَلَئِنْ سِرْتَ حَتَّى تَأْتِيَ بَرْكَ الْغِمَادِ مِنْ ذِي يَمَنٍ لَنَسِيرَنَّ مَعَكَ وَلَا نَكُونَنَّ كَالَّذِينِ قَالُوا لِمُوسَى: فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ «١» وَلَكِنِ اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتَلَا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَّبِعُونَ، وَلَعَلَّكَ أَنْ تَكُونَ خَرَجْتَ لِأَمْرٍ وَأَحْدَثَ اللَّهُ إِلَيْكَ غَيْرَهُ، فَانْظُرِ الَّذِي أَحْدَثَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَامْضِ لَهُ، فَصِلْ حِبَالَ مَنْ شِئْتَ، وَاقْطَعْ حِبَالَ مَنْ شِئْتَ، وَعَادِ مَنْ شِئْتَ، وَسَالِمْ مَنْ شِئْتَ، وَخُذْ مِنْ أَمْوَالِنَا مَا شِئْتَ، فَنَزَلَ الْقُرْآنُ عَلَى قَوْلِ سَعْدٍ كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ إِلَى قَوْلِهِ: وَيَقْطَعَ دابِرَ الْكافِرِينَ وَإِنَّمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرِيدُ الْغَنِيمَةَ مَعَ أَبِي سُفْيَانَ فَأَحْدَثَ اللَّهُ إِلَيْهِ الْقِتَالَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عن مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ قَالَ: كَذَلِكَ يُجَادِلُونَكَ فِي خُرُوجِ الْقِتَالِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ السُّدِّيِّ فِي قَوْلِهِ: كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ فقال: خُرُوجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَدْرٍ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ قَالَ: لطلب المشركين يُجادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ ما تَبَيَّنَ أَنَّكَ لَا تَصْنَعُ إِلَّا مَا أَمَرَكَ اللَّهُ بِهِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ الضَّحَّاكِ فِي قَوْلِهِ: وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ قَالَ: هِيَ عِيرُ أَبِي سُفْيَانَ، وَدَّ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْعِيرَ كَانَتْ لَهُمْ، وَأَنَّ الْقِتَالَ صُرِفَ عَنْهُمْ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ قَتَادَةَ وَيَقْطَعَ دابِرَ الْكافِرِينَ أَيْ: شَأْفَتَهُمْ. وَوَقْعَةُ بَدْرٍ قَدِ اشْتَمَلَتْ عَلَيْهَا كُتُبُ الْحَدِيثِ وَالسِّيَرِ وَالتَّارِيخِ مُسْتَوْفَاةٌ فَلَا نُطِيلُ بِذِكْرِهَا.

[سورة الأنفال (٨) : الآيات ٩ الى ١٠]

إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ (٩) وَما جَعَلَهُ اللَّهُ إِلاَّ بُشْرى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (١٠)

قَوْلُهُ: إِذْ تَسْتَغِيثُونَ الظَّرْفُ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ، أَيْ: وَاذْكُرُوا وَقْتَ اسْتِغَاثَتِكُمْ وَقِيلَ بَدَلٌ مِنْ وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ مَعْمُولٌ لِعَامِلِهِ وَقِيلَ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَالِاسْتِغَاثَةُ: طَلَبُ الْغَوْثِ، يُقَالُ: اسْتَغَاثَنِي فُلَانٌ فَأَغَثْتُهُ، وَالِاسْمُ: الْغِيَاثُ وَالْمَعْنَى: أَنَّ الْمُسْلِمِينَ لَمَّا عَلِمُوا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قِتَالِ الطَّائِفَةِ ذَاتِ الشَّوْكَةِ وَهُمُ النَّفِيرُ، كَمَا أَمَرَهُمُ اللَّهُ بِذَلِكَ، وَأَرَادَهُ مِنْهُمْ، وَرَأَوْا كَثْرَةَ عَدَدِ النَّفِيرِ، وَقِلَّةَ عَدَدِهِمُ، اسْتَغَاثُوا بِاللَّهِ سُبْحَانَهُ، وَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ عَدَدَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بدر ألف، وعدد المسلمين ثلاثمائة وَسَبْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا، وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا رَأَى ذَلِكَ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، ثم


(١) . المائدة: ٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>