للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن عَفَّانَ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ فَيْرُوزَ: يَا أَبَا عَبَّاسٍ. قَوْلُهُ: يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ فَكَأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ اتَّهَمَهُ فَقَالَ: مَا يَوْمٌ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ؟ قَالَ:

إِنَّمَا سَأَلْتُكَ لِتُخْبِرَنِي، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُمَا يَوْمَانِ ذَكَرَهُمَا اللَّهُ فِي كِتَابِهِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِهِمَا، وَأَكْرَهُ أَنْ أَقُولَ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا لَا أَعْلَمُ، فَضَرَبَ الدَّهْرُ مِنْ ضَرَبَاتِهِ حَتَّى جَلَسْتُ إِلَى ابْنِ الْمُسَيَّبِ، فَسَأَلَهُ عَنْهُمَا إِنْسَانٌ فَلَمْ يُخْبِرْهُ وَلَمْ يَدْرِ. فَقُلْتُ: أَلَا أُخْبِرُكَ بِمَا حَضَرْتُ مِنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؟ قَالَ: بَلَى، فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ لِلسَّائِلِ: هَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ قَدْ أَبَى أَنْ يَقُولَ فِيهَا، وَهُوَ أَعْلَمُ مِنِّي. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ قَالَ: لَا يَنْتَصِفُ النَّهَارُ فِي مِقْدَارِ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الدُّنْيَا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ حَتَّى يَقْضِيَ بَيْنَ الْعِبَادِ، فَيَنْزِلُ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، وَأَهْلُ النَّارِ النَّارَ، وَلَوْ كَانَ إِلَى غَيْرِهِ لَمْ يَفْرَغْ فِي خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْهُ أَيْضًا فِي قَوْلِهِ: ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِكُمْ هَذِهِ، وَمَسِيرَةُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَالْحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ فِي نَوَادِرِ الْأُصُولِ وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ قال: أما رَأَيْتُ الْقِرَدَةَ لَيْسَتْ بِحَسَنَةٍ، وَلَكِنَّهُ أَحْكَمَ خَلْقَهَا. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ أَيْضًا فِي الْآيَةِ أَنَّهُ قَالَ: أَمَا إِنَّ اسْتَ الْقِرَدَةِ لَيْسَتْ بِحَسَنَةٍ وَلَكِنَّهُ أَحْكَمَ خَلْقَهَا، وَقَالَ خَلَقَهُ صُورَتُهُ. وَقَالَ أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ الْقَبِيحُ وَالْحَسَنُ، وَالْعَقَارِبُ وَالْحَيَّاتُ، وَكُلُّ شَيْءٍ مِمَّا خَلَقَ، وَغَيْرُهُ لَا يُحْسِنُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ. وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذ لقينا عمرو ابن زُرَارَةَ الْأَنْصَارِيَّ فِي حُلَّةٍ قَدْ أَسْبَلَ، فَأَخَذَ النبيّ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ بِنَاحِيَةِ ثَوْبِهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي أَحْمَشُ السَّاقَيْنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا عَمْرُو بْنَ زُرَارَةَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ، يَا عَمْرُو بْنَ زُرَارَةَ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُسْبِلِينَ» . وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ عَنِ الشَّرِيدِ بْنِ سُوَيْدٍ قَالَ: أَبْصَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ رَجُلًا قَدْ أَسْبَلَ إِزَارَهُ، فَقَالَ: ارْفَعْ إِزَارَكَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَحْنَفُ، تَصْطَكُّ رُكْبَتَايَ، فَقَالَ: ارْفَعْ إِزَارَكَ كُلُّ خَلْقِ الله حسن» .

[سورة السجده (٣٢) : الآيات ١٢ الى ٢٢]

وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا فَارْجِعْنا نَعْمَلْ صالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ (١٢) وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها وَلكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (١٣) فَذُوقُوا بِما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِيناكُمْ وَذُوقُوا عَذابَ الْخُلْدِ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٤) إِنَّما يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِها خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (١٥) تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (١٦)

فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٧) أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لَا يَسْتَوُونَ (١٨) أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوى نُزُلاً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٩) وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْواهُمُ النَّارُ كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (٢٠) وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٢١)

وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْها إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ (٢٢)

<<  <  ج: ص:  >  >>