وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَأَبُو يَعْلَى وَالْحَاكِمُ، وَصَحَّحَهُ، وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ أَنَّكُمْ تَوَكَّلْتُمْ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرُزِقْتُمْ كَمَا تُرْزَقُ الطَّيْرُ، تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا» .
وَأَخْرَجَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: أَنَّ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي الْبَقَرَةِ فِي عِدَّةِ النِّسَاءِ قَالُوا: لَقَدْ بَقِيَ مِنْ عِدَّةِ النساء عددا لم تذكر فِي الْقُرْآنِ: الصِّغَارُ وَالْكِبَارُ اللَّاتِي قَدِ انْقَطَعَ حَيْضُهُنَّ وَذَوَاتُ الْحَمْلِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ الْآيَةَ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ فِي زَوَائِدِ الْمُسْنَدِ، وَأَبُو يَعْلَى، وَالضِّيَاءُ فِي الْمُخْتَارَةِ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: «قُلْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ أَهِيَ الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا، أَوِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا؟ قَالَ: هِيَ الْمُطْلَقَةُ ثَلَاثًا وَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا» . وَأَخْرَجَ نَحْوَهُ عَنْهُ مَرْفُوعًا ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ وَالدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَالطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طُرُقٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عَلِيًّا قَالَ: تَعْتَدُّ آخِرَ الْأَجَلَيْنِ، فَقَالَ: مَنْ شَاءَ لَاعَنْتُهُ، إِنَّ الْآيَةَ الَّتِي فِي سُورَةِ النِّسَاءِ الْقُصْرَى «١» نَزَلَتْ بَعْدَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ بِكَذَا وَكَذَا أَشْهُرًا، وَكُلُّ مُطَلَّقَةٍ أَوْ مُتَوَفًّى عَنْهَا زَوْجُهَا فَأَجَلُهَا أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا. وَرُوِيَ نَحْوُ هَذَا عَنْهُ مِنْ طُرُقٍ وَبَعْضُهَا فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ. وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ: أَنَّ سَبِيعَةَ الْأَسْلَمِيَّةَ تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا وَهِيَ حُبْلَى، فَوَضَعَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ بِأَرْبَعِينَ لَيْلَةً، فَخُطِبَتْ فَأَنْكَحَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَفِي الْبَابِ أحاديث.
[سورة الطلاق (٦٥) : الآيات ٦ الى ٧]
أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلا تُضآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى (٦) لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً (٧)
قَوْلُهُ: أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ هَذَا كَلَامٌ مُبْتَدَأٌ يَتَضَمَّنُ بَيَانَ مَا يَجِبُ لِلنِّسَاءِ من السكنى، ومن لِلتَّبْعِيضِ، أَيْ: بَعْضَ مَكَانِ سُكْنَاكُمْ، وَقِيلَ: زَائِدَةٌ مِنْ وُجْدِكُمْ أَيْ: مِنْ سَعَتِكُمْ وَطَاقَتِكُمْ، وَالْوِجْدُ: الْقُدْرَةُ. قَالَ الْفَرَّاءُ: يَقُولُ: عَلَى مَا يَجِدُ، فَإِنْ كَانَ مُوسَعًا عَلَيْهِ وَسَّعَ عَلَيْهَا فِي الْمَسْكَنِ وَالنَّفَقَةِ، وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا فَعَلَى قَدَرِ ذَلِكَ. قَالَ قَتَادَةُ: إِنْ لَمْ تَجِدْ إِلَّا نَاحِيَةَ بَيْتِكَ فَأَسْكِنْهَا فِيهِ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا، هَلْ لَهَا سُكْنَى وَنَفَقَةٌ أَمْ لَا؟ فَذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ أَنَّ لَهَا السُّكْنَى وَلَا نَفَقَةَ لَهَا. وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ أَنَّ لَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةَ. وَذَهَبَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ أَنَّهُ لَا نَفَقَةَ
(١) . أي سورة الطلاق.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute