للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سورة الزّخرف

قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: هِيَ مَكِّيَّةٌ بِالْإِجْمَاعِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: نَزَلَتْ سُورَةُ حم الزُّخْرُفِ بِمَكَّةَ، قَالَ مُقَاتِلٌ: إِلَّا قَوْلَهُ: وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا يَعْنِي فَإِنَّهَا نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة الزخرف (٤٣) : الآيات ١ الى ٢٠]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

حم (١) وَالْكِتابِ الْمُبِينِ (٢) إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٣) وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ (٤)

أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً أَنْ كُنْتُمْ قَوْماً مُسْرِفِينَ (٥) وَكَمْ أَرْسَلْنا مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ (٦) وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلاَّ كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٧) فَأَهْلَكْنا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشاً وَمَضى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ (٨) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ (٩)

الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً وَجَعَلَ لَكُمْ فِيها سُبُلاً لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٠) وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذلِكَ تُخْرَجُونَ (١١) وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعامِ مَا تَرْكَبُونَ (١٢) لِتَسْتَوُوا عَلى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هَذَا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ (١٣) وَإِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ (١٤)

وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبادِهِ جُزْءاً إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ (١٥) أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَناتٍ وَأَصْفاكُمْ بِالْبَنِينَ (١٦) وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِما ضَرَبَ لِلرَّحْمنِ مَثَلاً ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (١٧) أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ (١٨) وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ وَيُسْئَلُونَ (١٩)

وَقالُوا لَوْ شاءَ الرَّحْمنُ مَا عَبَدْناهُمْ مَا لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ (٢٠)

قَوْلُهُ: حم وَالْكِتابِ الْمُبِينِ الْكَلَامُ هَاهُنَا فِي الْإِعْرَابِ كَالْكَلَامِ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ فِي يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ فَإِنْ جُعِلَتْ حم قَسَمًا كَانَتِ الْوَاوُ عَاطِفَةً، وَإِنْ لَمْ تُجْعَلْ قَسَمًا فَالْوَاوُ لِلْقَسَمِ، وَجَوَابُ الْقَسَمِ إِنَّا جَعَلْناهُ وَقَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: مَنْ جَعَلَ جَوَابَ وَالْكِتَابِ حم كَمَا تَقُولُ: نَزَلَ وَاللَّهِ، وَجَبَ وَاللَّهِ وَقَفَ عَلَى الْكِتَابِ الْمُبِينِ، وَمَعْنَى جَعَلْنَاهُ: أَيْ سَمَّيْنَاهُ وَوَصَفْنَاهُ، وَلِذَلِكَ تَعَدَّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ. وَقَالَ السُّدِّيُّ: الْمَعْنَى أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً وَقَالَ مُجَاهِدٌ: قُلْنَاهُ. وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: بَيَّنَّاهُ عَرَبِيًّا وَكَذَا قَالَ الزَّجَّاجُ، أَيْ:

أُنْزِلَ بِلِسَانِ الْعَرَبِ، لِأَنَّ كُلَّ نَبِيٍّ أُنْزِلَ كِتَابُهُ بِلِسَانِ قَوْمِهِ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: لِأَنَّ لِسَانَ أَهْلِ الْجَنَّةِ عَرَبِيٌّ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ أَيْ: جَعَلْنَا ذَلِكَ الْكِتَابَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِكَيْ تَفْهَمُوهُ وَتَتَعَقَّلُوا مَعَانِيَهُ وَتُحِيطُوا بِمَا فِيهِ. قَالَ ابْنُ زَيْدٍ:

لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ أَيْ: وَإِنَّ الْقُرْآنَ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ لَدَيْنا أَيْ: عِنْدَنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>