للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طُرُقٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: جِبْرِيلُ، فَهُوَ شَاهِدٌ مِنَ اللَّهِ بِالَّذِي يَتْلُوهُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ الذي أنزل على محمد صلّى الله عليه وسلّم وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى قَالَ: وَمِنْ قَبْلِهِ التَّوْرَاةُ عَلَى لِسَانِ مُوسَى كَمَا تَلَا الْقُرْآنَ على لسان مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ، وَابْنُ عَسَاكِرَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ فِي قَوْلِهِ: وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ قَالَ: مُحَمَّدٌ هُوَ الشَّاهِدُ مِنَ اللَّهِ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ: وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى قَالَ: وَمِنْ قَبْلِهِ جَاءَ الْكِتَابُ إِلَى مُوسَى. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتَادَةَ: وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزابِ قَالَ: الْكُفَّارُ أَحْزَابٌ كُلُّهُمْ عَلَى الْكُفْرِ.

وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزابِ قال: من اليهود والنّصارى.

[سورة هود (١١) : الآيات ١٨ الى ٢٤]

وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أُولئِكَ يُعْرَضُونَ عَلى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهادُ هؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلى رَبِّهِمْ أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (١٨) الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَها عِوَجاً وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ (١٩) أُولئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَما كانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِياءَ يُضاعَفُ لَهُمُ الْعَذابُ مَا كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَما كانُوا يُبْصِرُونَ (٢٠) أُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كانُوا يَفْتَرُونَ (٢١) لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ (٢٢)

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٢٣) مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً أَفَلا تَذَكَّرُونَ (٢٤)

قَوْلُهُ: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَيْ: لَا أَحَدَ أَظْلَمُ مِنْهُمْ لِأَنْفُسِهِمْ لِأَنَّهُمُ افْتَرَوْا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا بِقَوْلِهِمْ لِأَصْنَامِهِمْ: هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ، وَقَوْلِهِمْ: الْمَلَائِكَةُ بَنَاتُ اللَّهِ، وَأَضَافُوا كَلَامَهُ سُبْحَانَهُ إِلَى غَيْرِهِ، وَاللَّفْظُ وَإِنْ كَانَ لَا يَقْتَضِي إِلَّا نَفْيَ وُجُودِ مَنْ هُوَ أَظْلَمُ مِنْهُمْ كَمَا يُفِيدُهُ الِاسْتِفْهَامُ الْإِنْكَارِيُّ، فَالْمَقَامُ يُفِيدُ نَفْيَ الْمُسَاوِي لَهُمْ فِي الظُّلْمِ. فَالْمَعْنَى عَلَى هَذَا: لَا أَحَدَ مِثْلَهُمْ فِي الظُّلْمِ، فَضْلًا عَنْ أَنْ يُوجَدَ مَنْ هُوَ أَظْلَمُ مِنْهُمْ، وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: أُولَئِكَ، إِلَى الْمَوْصُوفِينَ بِالظُّلْمِ الْمُتَبَالِغِ، وَهُوَ: مُبْتَدَأٌ، وَخَبَرُهُ: يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ فَيُحَاسِبُهُمْ عَلَى أَعْمَالِهِمْ، أَوِ الْمُرَادُ بِعَرْضِهِمْ: عَرْضُ أَعْمَالِهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهادُ هؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلى رَبِّهِمْ الْأَشْهَادُ: هُمُ الْمَلَائِكَةُ الْحَفَظَةُ، وَقِيلَ: الْمُرْسَلُونَ، وَقِيلَ: الْمَلَائِكَةُ وَالْمُرْسَلُونَ وَالْعُلَمَاءُ الذي بَلَّغُوا مَا أَمَرَهُمُ اللَّهُ بِإِبْلَاغِهِ، وَقِيلَ: جَمِيعُ الْخَلَائِقِ. وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ يَقُولُ هَؤُلَاءِ الْأَشْهَادُ عِنْدَ الْعَرْضِ: هَؤُلَاءِ الْمُعْرَضُونَ أَوِ الْمَعْرُوضَةُ أَعْمَالِهِمُ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ بِمَا نَسَبُوهُ إِلَيْهِ، وَلَمْ يُصَرِّحُوا بِمَا كَذَبُوا بِهِ كَأَنَّهُ كَانَ أَمْرًا مَعْلُومًا عِنْدَ أَهْلِ ذَلِكَ الْمَوْقِفِ. قَوْلُهُ: أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ هَذَا مِنْ تَمَامِ كَلَامِ الْأَشْهَادِ، أَيْ: يَقُولُونَ:

هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ، وَيَقُولُونَ: أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ بِالِافْتِرَاءِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ قاله بعد ما قَالَ الْأَشْهَادُ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ. وَالْأَشْهَادُ: جَمْعُ شَهِيدٍ، وَرَجَّحَهُ أَبُو عَلِيٍّ بِكَثْرَةِ وُرُودِ شَهِيدٍ فِي الْقُرْآنِ كَقَوْلِهِ: وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً «١» . فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً وقيل: هو جمع شاهد، كأصحاب وصاحب،


(١) . البقرة: ١٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>