للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سُورَةِ الصَّافَّاتِ

وَهِيَ مَكِّيَّةٌ. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: فِي قَوْلِ الْجَمِيعِ، وَأَخْرَجَ ابْنُ الضُّرَيْسِ، وَابْنُ النَّحَّاسِ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: نَزَلَتْ بِمَكَّةَ. وَأَخْرَجَ النَّسَائِيُّ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا بِالتَّخْفِيفِ وَيَؤُمُّنَا بِالصَّافَّاتِ. قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: تَفَرَّدَ بِهِ النَّسَائِيُّ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي دَاوُدَ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ، وَابْنُ النَّجَّارِ فِي تاريخه من طريق نهشل بن سعد الْوَرْدَانِيِّ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مِنِ قَرَأَ يس وَالصَّافَّاتِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ثمّ سأل الله أعطاه سؤاله» .

وَأَخْرَجَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الدَّلَائِلِ، وَالسِّلَفِيُّ فِي الطُّيُورِيَّاتِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ لَمَّا سَأَلَهُ مُلُوكُ حَضْرَمَوْتَ عِنْدَ قُدُومِهِمْ عَلَيْهِ أَنْ يَقْرَأَ عَلَيْهِمْ شَيْئًا مِمَّا أَنْزَلَ الله قرأ الصَّافَّاتِ صَفًّا حتى بلغ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ» الحديث.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة الصافات (٣٧) : الآيات ١ الى ١٩]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

وَالصَّافَّاتِ صَفًّا (١) فَالزَّاجِراتِ زَجْراً (٢) فَالتَّالِياتِ ذِكْراً (٣) إِنَّ إِلهَكُمْ لَواحِدٌ (٤)

رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَرَبُّ الْمَشارِقِ (٥) إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ (٦) وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ (٧) لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جانِبٍ (٨) دُحُوراً وَلَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ (٩)

إِلاَّ مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ (١٠) فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمْ مَنْ خَلَقْنا إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ (١١) بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ (١٢) وَإِذا ذُكِّرُوا لَا يَذْكُرُونَ (١٣) وَإِذا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ (١٤)

وَقالُوا إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ (١٥) أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (١٦) أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ (١٧) قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ داخِرُونَ (١٨) فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ فَإِذا هُمْ يَنْظُرُونَ (١٩)

قَوْلُهُ: وَالصَّافَّاتِ صَفًّا قَرَأَ أَبُو عَمْرٍو، وَحَمْزَةُ، وَقِيلَ: حَمْزَةُ فَقَطْ بِإِدْغَامِ التَّاءِ مِنَ الصَّافَّاتِ فِي صَادِ صَفًّا، وَإِدْغَامِ التَّاءِ مِنَ الزَّاجِرَاتِ فِي زَايِ زَجْرًا، وَإِدْغَامِ التَّاءِ مِنَ التَّالِيَاتِ فِي ذَالِ ذِكْرًا، وَهَذِهِ الْقِرَاءَةُ قَدْ أَنْكَرَهَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ لَمَّا سَمِعَهَا. قَالَ النَّحَّاسُ: وَهِيَ بَعِيدَةٌ فِي الْعَرَبِيَّةِ مِنْ ثَلَاثِ جِهَاتٍ: الْجِهَةُ الْأُولَى أَنَّ التَّاءَ لَيْسَتْ مِنْ مَخْرَجِ الصَّادِ، وَلَا مِنْ مَخْرَجِ الزَّايِ، وَلَا مِنْ مَخْرَجِ الدَّالِ، وَلَا مِنْ أَخَوَاتِهِنَّ. الْجِهَةُ الثَّانِيَةُ:

أَنَّ التَّاءَ فِي كَلِمَةٍ وَمَا بَعْدَهَا فِي كَلِمَةٍ أُخْرَى. الثَّالِثَةُ: أَنَّكَ إِذَا أَدْغَمْتَ جَمَعْتَ بَيْنَ سَاكِنَيْنِ مِنْ كَلِمَتَيْنِ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ سَاكِنَيْنِ فِي مِثْلِ هَذَا إِذَا كَانَا فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ. وَقَالَ الْوَاحِدِيُّ: إِدْغَامُ التَّاءِ فِي الصَّادِ حَسَنٌ لِمُقَارَبَةِ الْحَرْفَيْنِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُمَا مِنْ طَرَفِ اللِّسَانِ. وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِإِظْهَارِ جَمِيعِ ذَلِكَ، وَالْوَاوُ لِلْقَسَمِ، وَالْمُقْسَمُ بِهِ الْمَلَائِكَةُ: الصَّافَّاتُ، وَالزَّاجِرَاتُ، وَالتَّالِيَاتُ وَالْمُرَادُ بِالصَّافَّاتِ: الَّتِي تُصَفُّ فِي السَّمَاءِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ كَصُفُوفِ الْخَلْقِ فِي الدُّنْيَا، قَالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَعِكْرِمَةُ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَقَتَادَةُ. وَقِيلَ: إِنَّهَا تصفّ

<<  <  ج: ص:  >  >>